قوله تعالى: (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الأحقاف: 9]، يحمل معاني عميقة تتعلق بمقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلاقته بالوحي والنبوة.
تفسير الآية:
عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بالغيب:
(وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ) تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولا ما سيحدث له أو لقومه في الدنيا. هذا يشير إلى أنه لا يعلم تفاصيل المستقبل أو أحداثه التي لم يُوحَ إليه بشأنها. النبي صلى الله عليه وسلم كان يثق بالله تعالى ويترك الأمور التي لا يعلمها له وحده سبحانه.
التفويض والتسليم لله:
الآية تعبر عن تسليم النبي صلى الله عليه وسلم لربه واعترافه بأنه يتبع فقط ما يوحى إليه. فهو ليس بيده القدرة على تغيير الأمور أو معرفة ما سيحدث، بل هو نذير مبين، مهمته هي تبليغ الرسالة وتنبيه الناس.
عدم العلاقة بالمعصية:
لا علاقة لهذه الآية بموضوع المعصية أو الذنوب. النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكبائر والصغائر التي تدل على الخسة. الآية تشير إلى الأمور الغيبية التي لا يستطيع النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمها، لا إلى مسائل تتعلق بسلوكه الشخصي أو الإيمان.
المعنى في سياق الآية:
قال المفسرون مثل القرطبي وابن كثير أن معنى الآية هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما سيكون عليه أمره وأمر قومه في الدنيا، سواء كان سيخرج من مكة أم لا، أو ما إذا كان سيلقى العذاب أم لا. أما في الآخرة، فكان يعلم أنه سيُكرم من الله تعالى ويكون من أهل الجنة.
الفرق بين الدنيا والآخرة:
في الآية، النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن حالته وحالة قومه في الدنيا. أما ما يتعلق بالآخرة، فهو على يقين بما سيحدث له ولأتباعه المؤمنين، وهو ما جاء في أحاديثه وشرعه.