يعد العمل كمسعفة من الوظائف التي قد تفرض على المرأة التعامل مع مرضى من الجنس الآخر، وفي بعض الحالات قد تضطر للعمل مع زملاء مسعفين من الرجال. وقد أثيرت العديد من الأسئلة حول مدى جواز هذا العمل وفقًا للشريعة الإسلامية. والجواب أن هذا الأمر يتعلق بالضرورة والحاجة.
حاجة الأمة إلى المسعفات
في الواقع، تحتاج الأمة إلى وجود مسعفات يمكنهن تقديم الإسعافات للنساء، خاصة في الحالات الطارئة التي قد تحدث في المنازل أو في المستشفيات. لذا، يُعتبر العمل في هذا المجال أمرًا مهمًا لتلبية احتياجات المجتمع. لكن في بعض الحالات، قد تضطر المرأة للعمل مع مسعف رجل أو تقديم الإسعاف لرجال، وهو أمر يجوز في حال الضرورة، ولكن بشروط وضوابط شرعية واضحة.
ضوابط العمل كمسعفة مع الرجال
عند اضطرار المرأة للعمل مع مسعف رجل أو إسعاف مريض من الرجال، يجب مراعاة بعض الشروط المهمة:
عدم الخلوة:
يجب تجنب الخلوة مع الرجل الأجنبي سواء كان مريضًا أو زميلًا في العمل. وهذا يشمل عدم وجود المرأة مع الرجل في مكان مغلق من دون وجود شخص آخر، مثل محرم أو زميلة.
عدم النظر إلى العورة أو لمسها:
يحرم النظر إلى عورة الرجل أو لمسها، إلا في حالات الضرورة التي تتطلب العلاج أو الإسعاف. وفي هذه الحالات، يُسمح بالنظر أو اللمس وفقًا للحدود الضرورية فقط.
وجود محرم أو حضور شخص آخر:
من الأفضل أن تكون هناك مرافق يساعد المرأة في تقديم الإسعافات للرجال أو أن يكون مع المرأة محرم إذا كانت مضطرة للقيام بإجراءات طبية تتطلب التعامل المباشر مع الرجل.
الضرورة والحاجة:
يُشترط أن يكون العمل مع الرجال أو تقديم الإسعافات لهم في حالات الضرورة، مثل عدم وجود مسعف آخر من النساء. في حال توافر المسعفات النساء، يجب على المرأة أن تقوم بدورها في إسعاف النساء.
فتاوى العلماء حول هذا الموضوع
من الجدير بالذكر أن العلماء قد أجازوا للمرأة تقديم الإسعافات للرجال في الحالات الضرورية، بشرط أن تلتزم بالضوابط الشرعية. على سبيل المثال، ذكر الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" أنه يجوز النظر أو اللمس بحالة الحاجة الملحة، مثل فصد أو حجامة أو علاج جرح، لكن بشرط أن يكون ذلك وفقًا للأصول الشرعية.
كما أكد العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" أن النظر إلى العورة أو مسها يعد محرمًا، لكنه يُسمح به في حال الضرورة القصوى، مثل علاج جرح أو التداوي. وتعتبر الضرورة من الحالات التي يجوز فيها تجاوز المحظور الشرعي.