حكم وراثة مال تم اكتسابه من الودائع الربوية: ماذا يجب فعله؟

من المعروف في الشريعة الإسلامية أن الربا محرم بشكل قاطع، سواء كان ذلك في القروض أو الودائع ذات العائد. وقد وردت عدة فتاوى شرعية تحذر من التعامل مع البنوك التي تمنح فوائد ربوية، حيث يعتبر ذلك من الكبائر التي يجب الابتعاد عنها. ولذلك، يجب على المسلمين تجنب أي مصدر دخل يرتبط بالعائد الربوي، سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر.

ما حكم الأموال المكتسبة من الودائع الربوية بعد وفاة صاحبها؟
عند وفاة الوالد الذي كان يودع الأموال في بنوك ربوية للحصول على عوائد، يثور سؤال حول مصير هذه الأموال بعد موته. في حالة وجود شقة موروثة تم دفع أقساطها من العوائد الربوية، هل يجوز للورثة الاستفادة من هذه الأموال؟

وفقاً للفتاوى الإسلامية، فإن حرمة الفائدة الربوية لا تؤثر على عين الممتلكات الموروثة (مثل الشقق أو العقارات) التي تم دفع ثمنها من المال المربح. فالشقة التي تم دفع أقساطها من عوائد ربوية تظل ملكاً للورثة، ولكن يجب عليهم النظر في مصير الفوائد الربوية التي تم اكتسابها بشكل غير مشروع.

حكم استفادة الورثة من مال الميت الذي اكتسبه من الربا
يختلف العلماء في حكم استفادة الورثة من المال الذي اكتسبه الميت من مصادر غير مشروعة مثل الربا. فبعض العلماء يرون أنه إذا كان المتوفى قد كسب المال بطرق غير مشروعة، فإن هذا المال لا يحل للورثة. بينما يذهب آخرون إلى أن المال الذي يتركه الميت، حتى لو كان قد اكتسبه من مصادر محرمة، يظل ملكاً للوارث بشرط أن يكون الوريث قد حصل على المال بدون علمه أو لم يكن له علم بحرمته.

الآراء الفقهية حول حرمة أو إباحة وراثة المال الحرام
تعددت آراء الفقهاء حول قضية وراثة المال الحرام، ففي حين يرى البعض أنه لا يجوز للوارث الاستفادة من المال الذي اكتسبه المتوفى من الربا، فإن آخرين يرون أن المال يصبح حلالاً للوارث إذا لم يكن له علم بحرمته.

رأي المالكية: يقول ابن جزي المالكي في "القوانين الفقهية" أن المال الميراثي إذا كان قد اكتسبه الميت من حلال، فهو حلال للوارث إجماعاً، أما إذا كان المال قد اكتسبه من حرام، فإن هناك خلافاً بين العلماء حول جواز وراثته.
رأي الحنفية: يقول ابن نجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" أن المال المكتسب من الربا أو أي مصدر محرم لا يحل للوارث في حال علمه بحرمة المال، ولكن إذا كان الوريث جاهلاً أو مقلداً لمن يرى إباحة هذا المال، فإن المال يكون حلالاً له.
ماذا يجب على الورثة فعله في حال وجود مال مكتسب من الربا؟
في حالة وراثة مال تم اكتسابه من عوائد ربوية، يجب على الورثة أن يحددوا ما إذا كان المال يحتوي على عوائد حرام أو لا. إذا كان المال يحتوي على جزء من العوائد الربوية، فيجب إخراج هذا الجزء من المال أو التبرع به في سبيل الله.

إذا كانت الشقة الموروثة قد تم دفع أقساطها باستخدام العائد الربوي، فإن الورثة يجب عليهم أيضاً النظر في كيفية التعامل مع الفائدة الزائدة التي تم دفعها. بعض العلماء يوصون بتصفية هذه الفائدة وإخراجها للفقراء أو للمحتاجين.

كيف يتعامل الورثة مع الشقق الموروثة؟
إذا كانت الشقة قد تم دفع أقساطها من أموال حرام، فإنها تظل ملكاً للورثة. ومع ذلك، يمكن للورثة بيعها أو الاستفادة منها، ولكن يجب عليهم اتخاذ خطوات للتخلص من أي جزء من المال الحرام. يمكن للورثة أن يخرجوا جزءاً من المال أو العوائد الزائدة في شكل صدقة أو تبرعات، وذلك تطهيراً للممتلكات ولضمان أن المال الذي تم وراثته لا يحتوي على أي شيء غير مشروع.

خلاصة القول
إن المسألة المتعلقة بالمال المكتسب من الودائع الربوية قد تثير الكثير من الأسئلة والشكوك، لكن الفقهاء قد أوجدوا حلولاً تتناسب مع الشريعة الإسلامية في مثل هذه الحالات. على الورثة أن يتحملوا المسؤولية الشرعية في التعامل مع الأموال الموروثة، ويجب عليهم إخراج أي جزء من المال الذي حصل عليه المتوفى بطرق غير مشروعة، سواء كان ذلك عن طريق العوائد الربوية أو غيرها من مصادر المال الحرام.






إغلاق


تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

برأيك هل سيتم رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا؟