الوصية في الإسلام تعد من الأمور الهامة التي يجب تنفيذها بدقة وفق ما أراده الموصي. وقد تناولت الشريعة الإسلامية هذا الموضوع بتفصيل، حيث وضعت ضوابط واضحة لتنفيذ الوصايا بما يحقق مصلحة الموصى له دون تغييرها إلا إذا كان ذلك لمصلحة واضحة.
حكم تغيير الوصية لمصلحة أكبر
يجب على المسلم تنفيذ الوصية كما نص عليها الموصي دون تغيير أو تبديل، إلا إذا كانت هناك مصلحة شرعية تقتضي تغييرها. وقد جاء في القرآن الكريم تحذير شديد من تغيير الوصية دون مبرر شرعي، حيث يقول الله تعالى: "فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [البقرة: 181].
ومع ذلك، فقد أجاز بعض العلماء تغيير الوصية إذا كان التغيير يحقق مصلحة أكبر مما أراده الموصي، كتحويل المال الموصى به إلى وقف وصرف ريعه في تنفيذ الوصية. ويستند هذا الرأي إلى أن الغرض الأساسي من الوصية هو التقرب إلى الله عز وجل وتحقيق نفع للمستفيد منها، وإذا كان التغيير سيؤدي إلى تحقيق هذه الغايات بشكل أفضل، فإنه يعتبر جائزًا.
آراء العلماء في تغيير الوصية
يختلف العلماء في حكم تغيير الوصية إلى ما هو أفضل، حيث يرى البعض أن التغيير لا يجوز مطلقًا استنادًا إلى الآية الكريمة التي تحذر من تبديل الوصية. بينما يرى آخرون أنه يجوز تغييرها إذا كان ذلك سيؤدي إلى تحقيق مصلحة أكبر، خاصة إذا كان التغيير يتعلق بتحويل المال إلى وقف يدر ريعًا يمكن استخدامه في تنفيذ الوصية بشكل مستمر.
ومن بين العلماء الذين أجازوا هذا التغيير، الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، الذي يرى أنه إذا كانت الوصية لغير معين، كأن تكون للفقراء أو للمساجد، فإنه لا حرج في تغييرها إلى ما هو أفضل. ولكنه أكد على أن الوصية لمعين يجب تنفيذها كما هي دون تغيير، لأن حق المعين متعلق بها.
الضوابط الشرعية لتحويل المال إلى وقف
إذا كان التغيير يتضمن تحويل المال الموصى به إلى وقف، فيجب أن يتم ذلك وفقًا لضوابط شرعية محددة. فالوقف يجب أن يكون له هدف شرعي واضح وأن يحقق منفعة مستمرة للمجتمع. كما يجب أن يكون الريع الناتج عن الوقف مخصصًا بالكامل لتنفيذ الوصية وفق ما نص عليه الموصي.