حكم وصية الإبراء من الدين بعد الموت:
عندما يوصي شخص لأهله بعدم مطالبة مدين بدين له بعد وفاته، تتفاوت الآراء حول مدى صحة تنفيذ هذه الوصية. وفقًا للأحكام الشرعية، يمكن تلخيص الآتي:
وصية الإبراء من الدين:
إذا أوصى الشخص لأهله بعدم مطالبة مدين معين بدين له عليه، فإن هذه الوصية تعد وصية بالإبراء، وهي جائزة إذا كانت ضمن حدود ثلث التركة. هذا يعني أن الوصية بالإبراء يمكن تنفيذها إذا كان الدين يساوي ثلث التركة أو أقل. أما إذا كان الدين يتجاوز ثلث التركة، فإن تنفيذ الوصية يتوقف على موافقة الورثة.
قال الفقهاء: إن الإبراء المعلق على الموت يعتبر وصية بالإبراء. إذا مات الشخص وأوصى بعدم مطالبة مدين بالدين، فإن تنفيذ هذه الوصية يتوقف على حدود الثلث. إذا كانت الوصية تتجاوز هذا الحد، يجب على الورثة الموافقة على تنفيذها.
فقد قال الرملي في "نهاية المحتاج" (4/ 442): "(والإبراء) الموقت، والمعلق بغير الموت. أما المعلق بالموت، كأن يقول: إذا مت فأنت بريء، فهو وصية." وأكد الشبراملسي في حاشيته على ذلك، مشيرًا إلى أن هذه الوصية لا تنفذ إلا في حدود الثلث ما لم يوافق الورثة على الزيادة.
الوصية للمدين والورثة:
إذا كان المدين أحد الورثة، فإن الوصية بالإبراء من دينه تعتبر محرمة، وذلك لأن الوصية للوارث لا تجوز إلا إذا وافق جميع الورثة. فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث."
وتحظر الوصية لغير الوارث بأكثر من الثلث أيضًا، لأن الوصية الزائدة على الثلث تعتبر غير صحيحة شرعًا. قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 456): "تحرم الوصية بزائد على الثلث لأجنبي، وللوارث بشيء."
تنفيذ وصية الإبراء:
يجب تنفيذ وصية الإبراء ضمن حدود الثلث، أما ما زاد عن ذلك، فيحتاج إلى موافقة الورثة. إن كان الدين يتجاوز ثلث التركة، يتم تنفيذ الإبراء فقط للثلث، ويجب على الورثة الموافقة على ما يزيد عن هذا المبلغ.
أما إذا كانت الوصية للمدين نفسه، فإن الإبراء المعلق على الموت يعتبر وصية بالبراءة، وهذه الوصية تسري إذا كانت ضمن حدود الثلث من التركة.