في سياق تعاليم الإسلام، يُشدد على أهمية الإحساس بالامتنان لله تعالى، خاصةً بعد تناول الطعام والشراب. وفي هذا الإطار، يُطرح تساؤل شائع حول صحة وفضل دعاء "الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة" بعد تناول الطعام أو الشراب. سنستعرض في هذا الخبر صحة هذا الدعاء والآراء الفقهية المتعلقة به.
صحة حديث دعاء الطعام
ورد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". هذا الحديث قد رواه أبو داود، الترمذي، ابن ماجه، وأحمد بطرق مختلفة.
اختلف العلماء حول صحة هذا الحديث، حيث قَبِلَه بعضهم وحسنه، بينما اعتبره آخرون ضعيفًا. من بين من حسّن الحديث:
أبو داود: سكت عنه في كتبه، مشيرًا إلى أنه يعتبر صالحًا.
الترمذي: وصف الحديث بأنه حسن غريب.
ابن القيم: اعتبر الحديث حسنًا في "زاد المعاد".
الحافظ ابن حجر العسقلاني: قال إنه حسن في "الفتوحات الربانية".
الألباني: اعتبر الحديث حسنًا في "صحيح الترمذي".
في المقابل، شكك بعض العلماء في صحة الحديث، مثل:
ابن مفلح: اعتبر أن عبد الرحيم بن ميمون، أحد رواة الحديث، ضعيف.
صدر الدين المناوي: أشار إلى ضعف سند الحديث بسبب رواة يعتبرهم ضعفاء.
شعيب الأرناؤوط: اعتبر إسناد الحديث ضعيفًا، رغم أنه حسّنه في مواضع أخرى.
الاستحباب بعد الطعام والشراب
رغم الاختلاف في صحة الحديث، فإن الدعاء الذي يتضمن الحمد لله بعد تناول الطعام يُعتبر مستحبًا بناءً على النصوص الشرعية والتفسيرات الفقهية. ينصح العلماء بضرورة حمد الله عقب تناول الطعام، وكذلك بعد الشرب. يقول ابن رسلان في "شرح سنن أبي داود" إن "فيه استحباب حمد الله تعالى عقيب الأكل، وكذا الشرب واللبس وغير ذلك". كما يؤكد صاحب "بذل المجهود في حل سنن أبي داود" على استحباب حمد الله عقب الأكل والشراب، ويعتبر ذلك تبرئة من حول الإنسان وقوته، ويُعزى الفضل إلى الله سبحانه وتعالى.