أكدت دائرة الإفتاء العام الأردنية أن الانتخابات النيابية تُعدّ وسيلة شرعية لاختيار النواب الذين يمثلون الأمة ويعملون على مراقبة الحكومة وسن القوانين التي تخدم المواطنين وتنهض بمصالحهم. الانتخابات تُعتبر أحد آليات الشورى التي تكرسها الشريعة الإسلامية، حيث تشجع على المشاركة الفعّالة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على مستقبل الوطن.
مسؤولية المرشح أمام الله والمجتمع
أوضحت دائرة الإفتاء أن مسؤولية المرشح للانتخابات أمام الله والمجتمع تُعدّ مسؤولية كبيرة وعظيمة. يجب على المرشح أن يستشعر ثقل هذه المسؤولية ويُدرك أهميتها، ليتمكن من أداء واجبه بإخلاص وأمانة، بما يعود بالنفع على الوطن والأمة. يقول الله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" (الأحزاب: 72).
التحذير من الرشاوى وتأثيرها على إرادة الناخبين
أكدت دائرة الإفتاء الأردنية على تحريم التأثير على إرادة الناخبين عبر تقديم الأموال والرشاوى تحت أي مسمى، سواء كانت هدايا أو معونات أو صدقات أو ولائم طعام. فعن عبد الله بن عمرو قال: "لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي" (رواه أبو داود). هذا الأمر يُعتبر خيانة للأمانة ويؤثر سلبًا على نزاهة العملية الانتخابية.
مسؤولية الناخب في الاختيار
إدلاء الناخب بصوته يُعدّ مسؤولية عظيمة عليه أن يؤديها بأمانة وإخلاص، وهو يستشعر بأنه سيُسأل عن هذه الأمانة أمام الله تعالى. يقول الله سبحانه: "سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ" (الزخرف: 19). لتحقيق هذا الهدف، يجب على الناخب أن يختار المرشح الأصلح والأفضل للقيام بمهمة التمثيل. يُفضل اختيار الشخص القوي في علمه وتخصصه، والأمين على مصالح البلاد والعباد. كما قال الله تعالى: "إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" (القصص: 26).
المشاركة بحرية وبدون تأثير خارجي
ينبغي على الناخب أن يُشارك بصوته بحرية وبدون التأثر بأي إعطيات أو هبات أو عصبيات، حيث أن التصويت يُعتبر شهادة ولا يجوز بيعها أو المساومة عليها. وأي مال يتقاضاه الشخص مقابل صوته يُعدّ مالًا حرامًا، سيُسأل عنه أمام الله تعالى. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" (النساء: 29).
تحريم الحلف لإجبار الناخبين
أشارت دائرة الإفتاء إلى أن تحليف الناس لإجبارهم على انتخاب شخص معين أمر لا يجوز شرعًا، سواء للحالف أو للمُحلِّف. يجب أن يكون التصويت نابعًا من قناعة شخصية بدون أي ضغط أو إجبار، حيث لم تُشرع الأيمان لهذا الغرض. قال الله تعالى: "وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة: 224).