ورد دعاء "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" في حديث صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه. ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: "ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به، أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين" .
وقد روى الحديث النسائي في "السنن الكبرى" والحاكم في "المستدرك"، وعلق عليه المنذري في "الترغيب والترهيب" بأن إسناده صحيح، وذكر الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" أنه إسناده حسن.
كما ورد هذا الدعاء بلفظ مقارب في حديث آخر عن أبي بكرة رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت" .
شرح الدعاء
1. التوسل بأسماء الله الحسنى
يا حي يا قيوم:
الحي: يشير إلى اسم الله "الحي"، الذي يدل على الحياة الأبدية والذاتية لله سبحانه وتعالى. فهو الحي الذي لا يموت أبدًا، والحياة الكاملة بكل معانيها هي لله وحده.
القيوم: يشير إلى اسم الله "القيوم"، الذي يعني القائم بنفسه المقيم لغيره. فهو القائم على كل شيء، الذي يدبر الأمر ويرعاه ويحفظه.
2. الاستغاثة برحمة الله
برحمتك أستغيث:
الاستغاثة هنا تعني طلب العون والإغاثة من الله، حيث يعترف العبد بضعفه وحاجته إلى الله. يستغيث برحمة الله الشاملة والكاملة التي وسعت كل شيء، طالبًا منها العون والسند في كل أموره.
3. طلب إصلاح الشأن
أصلح لي شأني كله:
في هذا الجزء من الدعاء، يطلب العبد من الله إصلاح جميع أموره. وهذا يشمل الأمور الدنيوية والأخروية، الشخصية والعائلية، المادية والمعنوية. يطلب العبد من الله أن يكون صلاحه وحسن حاله في كل جوانب حياته.
4. الاستعانة بالله وعدم الاعتماد على النفس
ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين:
يعبر العبد هنا عن الفقر التام والحاجة الدائمة إلى الله، حيث يطلب من الله ألا يتركه لنفسه، ولو لأقل من لحظة. يعترف العبد بأنه بدون عون الله ومساعدته، فإنه عاجز وضعيف.
هذه العبارة تُظهر أهمية التوكل على الله والاعتماد عليه في كل الأحوال، حيث أن النفس قد تضل وتضعف إذا تُركت دون عناية الله وتوفيقه.
المعاني والدروس المستفادة
1. التواضع والاعتراف بالفقر إلى الله
يدرك العبد من خلال هذا الدعاء مدى حاجته لله في كل تفاصيل حياته، وأن الله هو المولى والمدبر لكل شيء. هذا التواضع أمام الله يعزز من إيمان العبد ويجعله دائمًا متصلًا بالله في كل أوقاته.
2. التوكل على الله
يعلم العبد من هذا الدعاء أهمية الاعتماد على الله والثقة في تدبيره. التوكل هو الاعتقاد الجازم بأن الله سيعين العبد ويكفيه همومه ومشكلاته.
3. طلب المعونة الدائمة
من خلال هذا الدعاء، يطلب العبد من الله العون والمساعدة بشكل دائم، حيث يعترف بضعفه البشري وحاجته إلى عون الله المستمر.