توجد معايير واعتبارات مهمة عند النظر في مسألة التصدق بجميع المال. يمكن تلخيص الحكم الشرعي في هذا الموضوع بناءً على عدة جوانب:
1. جواز التصدق بجميع المال
للشخص الذي لديه كسب: التصدق بجميع المال قد يكون جائزاً إذا كان الشخص واثقاً من قدرته على الكسب المستقبلي، ولديه ضمانات بأن يكون قادرًا على إدارة شؤون حياته وأسرته. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "جئته بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وقال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله" (رواه أبو داود والترمذي). وهذا يشير إلى أن التصدق بجميع المال يمكن أن يكون محملاً بالأجر إذا كان الشخص قادرًا على التوكل على الله وإدارة شؤونه.
2. التحفظ عند التصدق بجميع المال
لمن لا يملك كسباً: إذا لم يكن للمتصدق كسب مستقبلي أو دخل منتظم، فقد يُكرَه التصدق بجميع المال. يُفضل في هذه الحالة أن يتصدق فقط بما يزيد عن كفايته وكفاية من يعول، لأن التصدق بجميع المال في هذه الحالة قد يُعرض المتصدق لمشاكل مالية ويؤثر سلبًا على قدرته على تلبية احتياجاته واحتياجات من يعولهم.
3. الأحكام المتعلقة بنفقة من يعولهم
التزام النفقة: التصدق بجميع المال يمكن أن يكون غير مستحب أو حتى محرم إذا أدى إلى نقص الأموال التي تُنفق على من يعولهم الشخص. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول". نفقة من يعولهم واجبة، والصدقة تطوعية، ولا يجوز تقديم النفل على الفرض.
4. الفرق بين الصدقة والوصية
الصدقة في الحياة: تختلف عن الوصية بعد الموت. التصدق بجميع المال أثناء الحياة لا يعتبر محرمًا إذا لم يُضر بمن يعول، بينما الوصية بجميع المال (أو بما يزيد على الثلث) تُعد غير جائزة إذا كان لها تأثير ضار على الورثة، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص: "أفأتصدق بمالي كله؟ قال: لا، قال: فالنصف؟ قال: لا، قال: الثلث، والثلث كثير" (رواه البخاري ومسلم).
5. الآثار العملية للصدقة بجميع المال
احتمالات الفقر: التصدق بجميع المال دون وجود كسب مستقبلي قد يؤدي إلى الفقر، وهذا قد يُؤثر سلبًا على الشخص ويجعله معتمداً على الآخرين. لذلك، يُفضل أن يُوازن المتصدق بين الصدقة وتلبية احتياجاته وحاجات من يعولهم.