إن الأجر العظيم المترتب على الصبر والاحتساب يكون لمن صبر واحتسب عند وقوع المصيبة. فالأحاديث النبوية تُشدد على أن الصبر الحقيقي والأجر الكبير يكون عند الصدمة الأولى. فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" (رواه البخاري ومسلم). يعني ذلك أن الصبر الحقيقي هو الذي يظهر عند أول وقوع المصيبة، حيث يكون الألم والجزع في أوجه.
فهم الحديث النبوي في سياق الصبر والاحتساب
يوضح ابن الجوزي في كتابه "كشف المشكل من حديث الصحيحين" أن الصدمة الأولى تعني مفاجأة المصيبة، وأن الصبر الذي يعظم الأجر هو الصبر عند مبدأ المصيبة. ويشير إلى أن مرور الزمن يساعد على تخفيف المصائب، وأن العمل على ضبط النفس والصبر يكون أصعب عند بداية المصيبة.
الرؤية الشرعية لقول دعاء المصيبة بعد مرور الزمن
من جهة أخرى، إذا تذكر المسلم المصيبة بعد مرور زمن، وشعر بآثارها واسترجع بالدعاء، فلا شك في مشروعية ذلك. فقول "إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم! أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها" له أجر وثواب عند الله، حتى بعد مرور الوقت على المصيبة.
تأكيد الأحاديث النبوية على استحقاق الأجر بعد مرور الزمن
جاء في حديث حسين بن علي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم، ولا مسلمة يُصاب بمصيبة، فيذكرها، وإن طال عهدها، فيُحدث لذلك استرجاعاً، إلا جدد الله له عند ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها" (رواه أحمد). ورغم أن هذا الحديث ضعيف السند، إلا أن معناه يتماشى مع روح الأحاديث الأخرى التي تشجع على الاسترجاع والصبر.
التعويض في الدنيا والآخرة
التعويض من الله قد يكون في الدنيا أو في الآخرة. قد يُعوَّض المسلم بخير مما فقد، كما حدث مع أم سلمة رضي الله عنها التي فقدت زوجها فدعت بالدعاء المأثور فعوَّضها الله بزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون التعويض بأمر آخر سواء في الدنيا أو في الآخرة.