يعد تفسير آيات القرآن الكريم من الأمور التي تساعد المؤمنين على فهم معاني النصوص وتطبيقها في حياتهم اليومية. من الآيات التي تحتوي على معانٍ عميقة ومتعددة هي قوله تعالى في سورة الفاتحة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).
تفسير الآية:
يتضمن طلب الهداية إلى الصراط المستقيم دعاءً من العبد لله ليهديه إلى الطريق الصحيح الموصل إلى رضاه وجنته. ولكن الآية لم تكتفِ بهذا الطلب المجمل، بل أتبعت ذلك بتفصيل لمن يسلك هذا الصراط، ومن هم الخارجون عنه.
فوائد ذكر "صراط الذين أنعمت عليهم":
تحديد ماهية الصراط المستقيم:
عند طلب الهداية إلى الصراط المستقيم، قد يبقى المعنى مجملاً وغير محدد. ولكن بذكر "صراط الذين أنعمت عليهم"، يتضح أن هذا الصراط هو الطريق الذي سلكه الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، مما يزيل أي لبس أو غموض حول ماهية هذا الطريق.
تمييز أهل الصراط المستقيم:
يوضح الله تعالى أن أهل الصراط المستقيم هم الذين أنعم عليهم بالهداية والتوفيق. وهذا يرسخ في نفوس المؤمنين أن الالتزام بهذا الطريق يؤدي إلى النعم والفضل من الله.
عقد الولاء والبراء:
ذكر "صراط الذين أنعمت عليهم" يبين للمؤمنين أن عليهم الولاء والانتماء لأهل هذا الصراط، وهم أهل النعمة والهداية، والبراءة من المغضوب عليهم (الذين عرفوا الحق وتركوه) والضالين (الذين تركوا الحق على جهل وضلال).
التأكيد اللفظي والمعنوي:
التكرار واستخدام أسلوب الإبدال أو عطف البيان في الآية يعمل على ترسيخ مفهوم الصراط المستقيم في نفوس المؤمنين، مما يعزز من ارتباطهم بهذا الطريق ويؤكد أهميته.
التفصيل بعد الإجمال:
بذكر "اهدنا الصراط المستقيم" بشكل مجمل، ثم التفصيل بقول "صراط الذين أنعمت عليهم"، تترقب النفس التفصيل وتتقبله بشوق واهتمام، مما يرسخ المعنى في الذهن بشكل أعمق.
إسناد النعمة إلى الله وحده:
بذكر "أنعمت عليهم"، يذكرنا الله بأن الهداية والتوفيق إلى الصراط المستقيم هو نعمة من الله وحده، ولا يمكن للإنسان أن يصل إليه بجهده وحده، بل بتوفيق الله ورحمته.