من فضل الله ورحمته على عباده أن جعل الإسلام يمحو الذنوب والمعاصي التي ارتكبها الإنسان قبل دخوله في الإسلام، مما يتيح له فرصة جديدة ونقية للحياة. هذه الرحمة الإلهية تعكس مدى سماحة الإسلام وتقبله للناس مهما كانت ماضيهم.
روى الإمام مسلم في صحيحه (121) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإسلامَ في قلبي أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: ابسطْ يمينَكَ فلأُبايعْك. فبسطَ يمينَه، قال: فقبضتُ يدي. قال: ما لك يا عمرو؟ قلتُ: أردتُ أن أشتَرِطَ. قال: تشتَرِطُ بماذا؟ قلتُ: أن يُغفَرَ لي. قال: أما علمتَ أنَّ الإسلامَ يهدمُ ما كان قبله.
تفسير الحديث وأهمية الإسلام في محو الذنوب
يشير الحديث الشريف إلى أن الإسلام، بقبول الشخص له، يمحو كل الذنوب والخطايا التي ارتكبها في حياته السابقة. هذا المفهوم يُفهم من قوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يهدم ما كان قبله". شرح الإمام النووي في "شرح مسلم" هذا الحديث بقوله: "الإسلام يُسقط الذنوب ويمحو أثرها".
تطبيق هذه الرحمة في حياة المسلمين الجدد
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حال شخص أسلم بعدما كان يتاجر في المخدرات واكتسب مالاً حراماً. أجاب الشيخ بأن الإسلام يغفر له كل ما فعله في أيام كفره، وأن المال الذي اكتسبه يُعتبر حلالاً له بعد إسلامه، استناداً إلى قول الله تعالى في سورة الأنفال (38): "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ".
كيفية التعامل مع الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة قبل الإسلام
إذا كان المال المكتسب بطرق غير مشروعة كان عن طريق الرضا بين الناس، مثل الربا أو المخدرات، فإنه يصبح حلالاً بعد الإسلام. ولكن إذا كان المال مغتصباً من صاحبه، فيجب رده إليه.
أمثلة على تسامح الإسلام مع الكفار بعد إسلامهم
شهد التاريخ الإسلامي العديد من الأمثلة لأشخاص أسلموا بعدما ارتكبوا جرائم كبرى، ومع ذلك لم يُحاسبوا على أفعالهم السابقة. من بينهم قتلة مسلمون في الحروب الذين غُفر لهم بعد إسلامهم.