في أغسطس من عام 1951، وقعت حادثة غريبة في بلدة بون سان إسبري الواقعة بإقليم غارد جنوب فرنسا، حيث أصيب حوالي 300 من سكانها بأعراض هلوسة وهذيان جماعي، ما أسفر عن وفاة خمسة أشخاص، بينما تحدث آخرون عن رؤى مروعة ومشاهد خارقة للعادة، مثل رؤية جيران متوفين ونباتات عملاقة.
في البداية، ظنت السلطات أن الحادثة ناجمة عن تسمم غذائي، وجرى التحقيق في المياه والأغذية المعلبة، لكن التحليلات كشفت أن السبب المرجح كان خبزاً ملوثاً بفطر الإرغوت السام، الذي يسبب التسمم الإرغوني المعروف منذ العصور الوسطى بتأثيراته الهلوسية والتشنجية الخطيرة.
تم توجيه الاتهام إلى الخباز المحلي روش برييان، الذي استخدم طحيناً ملوثاً يُعتقد أنه السبب وراء تصنيع "الخبز الملعون"، إلا أن التحقيقات الرسمية لم تتمكن من تحديد كيفية وصول الطحين الملوث إلى المخبز، ولم يتم تعويض الضحايا أو محاسبة المسؤولين.
وفي السنوات التالية، ومع تصاعد نظريات المؤامرة، أشار البعض إلى احتمال تورط المخابرات الأمريكية في الحادثة، متهمينها باستخدام سكان البلدة كـ "فئران تجارب" لاختبار مادة الهلوسة LSD في إطار الحرب الباردة، وهي فرضية لم تُؤكد رسميًا لكنها استمرت في تغذية الجدل لعقود.
الحادثة التي سعت الحكومة الفرنسية إلى التعتيم عليها خشية زعزعة الثقة في صناعة الخبز الوطني، ما زالت حتى اليوم تثير اهتمام المؤرخين والباحثين، باعتبارها واحدة من أغرب الألغاز الطبية والاجتماعية في القرن العشرين.