فجر الجمعة (4 تشرين الأول/أكتوبر 2024)، شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت محيط معبر المصنع، المعبر الحدودي الرسمي بين لبنان وسوريا. الهجوم أدى إلى انقطاع الطريق الدولي الذي يُعد شريانًا حيويًا يربط بين بيروت ودمشق، ويتدفق عبره عشرات الآلاف من المواطنين الفارين من الحرب المستعرة بين حزب الله وإسرائيل.
وبحسب وزير النقل اللبناني علي حمية، فإن الضربة أحدثت حفرة بعرض أربعة أمتار في المنطقة المستهدفة، مما أدى إلى إغلاق الطريق الرئيسي. يأتي هذا القصف بعد أقل من 24 ساعة على تحذير إسرائيل من استخدام حزب الله للمعبر لتهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وهو ما نفته السلطات اللبنانية بشكل قاطع، مؤكدين أن جميع الشاحنات تخضع للتفتيش الدقيق.
وفي تصريحات صحفية، قال حمية: "الطريق الذي يربط بين لبنان وسوريا بات مقطوعًا تمامًا بعد الغارة الإسرائيلية، مما يزيد من الصعوبات الإنسانية في هذه المرحلة الحرجة". وتشير إحصائيات الحكومة اللبنانية إلى أن أكثر من 310 آلاف شخص عبروا الحدود من لبنان إلى سوريا في الأيام الأخيرة هربًا من القصف الإسرائيلي المتزايد.
الحصار والاستنزاف
الباحث الأمني والاستراتيجي ناجي ملاعب أشار إلى أن هذه الغارة تأتي ضمن استراتيجية إسرائيلية واضحة تهدف إلى تجفيف مصادر تسليح حزب الله ومنع أي إمدادات قد تصل إليه. وتابع ملاعب: "إسرائيل تُراقب بشكل دقيق كل المعابر بين لبنان وسوريا، وتُحاصر حزب الله لمنع وصول الأسلحة إليه".
خسائر اقتصادية كبيرة
على الصعيد الاقتصادي، تحدث المتخصص بلال علامة عن تداعيات هذا الهجوم على لبنان، موضحًا أن قطع الطريق الدولي سيؤدي إلى خسائر فادحة على المدى القريب والبعيد. "لبنان يعتمد بشكل كبير على سوريا لتأمين بعض المواد الأساسية مثل الطحين والأدوية، وبالتالي فإن إغلاق المعبر سيؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين اللبنانيين"، قال علامة. وأشار إلى أن الخسائر الاقتصادية نتيجة هذا القصف تتراكم يومًا بعد يوم بسبب تدمير البنية التحتية والممتلكات.
من جانبه، أوضح محمد شمس الدين، الباحث في شركة "الدولية للمعلومات"، أن معبر المصنع يُعد من أهم المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، حيث يربط العاصمتين بيروت ودمشق على مسافة 115 كيلومترًا، ويُعتبر ممراً حيوياً للتجارة والسفر بين البلدين. يُستخدم المعبر لنقل البضائع بين البلدين، وأيضًا للسياحة الدينية، حيث يتوافد الآلاف لزيارة مقام السيدة زينب في سوريا.
تداعيات إقليمية
يتضح أن معبر المصنع ليس مجرد ممر حدودي، بل هو أحد أكبر المعابر التي يعتمد عليها لبنان وسوريا في الحركة الاقتصادية والبشرية. ولقد جاء استهدافه في إطار التصعيد الإسرائيلي المستمر منذ بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث نفذت إسرائيل العديد من الهجمات على مواقع تابعة لحزب الله داخل سوريا وعلى الحدود اللبنانية السورية.
وأعلنت إسرائيل اليوم عن استهدافها لنفق عابر للحدود بطول 3.5 كيلومتر، قالت إنه كان يستخدم لنقل أسلحة ومعدات عسكرية تحت الأرض. من جهتها، تصر السلطات اللبنانية على أن المعابر الشرعية تخضع لرقابة مشددة، بينما تبقى التوترات الإقليمية بين حزب الله وإسرائيل في ذروتها.