تستعد الأوساط الطبية لاستقبال نتائج دراسة جديدة تهدف إلى اختبار مدى قدرة مركب الريسفيراترول، المستخلص من العنب الأحمر، على الوقاية من سرطان الأمعاء. فبعدما دحض العلماء فوائد العنب الأحمر بشكل عام، بات هذا المركب يشكل أملًا واعدًا في الأبحاث الطبية.
دور الريسفيراترول في مكافحة سرطان الأمعاء
أعلنت جامعة ليستر، بالتعاون مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، بدء تجربة جديدة تهدف إلى اختبار فعالية مركب الريسفيراترول في إبطاء تطور أورام الأمعاء الحميدة التي يمكن أن تتطور لاحقًا إلى سرطان. ويُستخرج الريسفيراترول من العنب الأحمر، ويشتهر أيضًا بتواجده في التوت الأزرق والفول السوداني، ويُعتقد أنه يمتلك خصائص مضادة للأكسدة قد تساعد في مكافحة الأورام.
تجربة ضخمة لدراسة الأدوية الوقائية
يشارك في هذه التجربة عدد من المرضى الذين تراوح أعمارهم بين 50 و73 عامًا، حيث أثبت برنامج فحص الأمعاء إصابتهم بأورام حميدة تُعرف بالزوائد. سيتم تقسيم المشاركين إلى مجموعات، حيث سيتناول البعض جرعات من الأسبرين، بينما سيتناول آخرون مزيجًا من الأسبرين والميتفورمين، وهو دواء يستخدم لعلاج مرض السكري، وذلك يوميًا لمدة ثلاث سنوات. أما مجموعة أخرى فستتناول الريسفيراترول النقي أو دواء وهميًا لمدة عام.
أهمية منع نمو الأورام الحميدة
أوضحت البروفيسورة كارين براون، الباحثة الرئيسية في هذه التجربة، أن الهدف الأساسي من هذه التجربة، المعروفة باسم "Colo-Prevent"، هو معرفة مدى فعالية الريسفيراترول والعلاجات الأخرى في منع نمو الأورام الحميدة لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الأمعاء. تقول براون: "قد يكون لهذه التجربة آثار كبيرة على كيفية منع سرطان الأمعاء لدى الأشخاص المعرضين للخطر".
الفحص الدوري وخطر الزوائد المعوية
بعد مرور فترة التجربة، سيتم إجراء تنظير القولون لجميع المشاركين لتقييم ما إذا كانت الأورام الحميدة قد بدأت في النمو مجددًا. وإذا أظهرت النتائج انخفاض معدلات نمو هذه الأورام، فقد يُصبح الريسفيراترول أو الأسبرين أحد العلاجات الوقائية للأشخاص المؤهلين لفحوص الأمعاء.
اتباع نمط حياة صحي للحد من السرطان
بينما تشير البروفيسورة براون إلى أن هناك بالفعل طرقًا فعالة للوقاية من سرطان الأمعاء من خلال تغيير نمط الحياة، مثل الإقلاع عن التدخين، الحفاظ على وزن صحي، وتجنب استهلاك اللحوم الحمراء والمصنعة، تؤكد أيضًا أن الهدف من التجربة هو تطوير طرق جديدة أكثر فعالية وخصوصية للوقاية من السرطان قبل ظهور أي أعراض.
الريسفيراترول والأمل الجديد
يعكس الريسفيراترول نقلة جديدة في أبحاث الوقاية من السرطان، إذ إن الدراسات السابقة التي أجراها فريق جامعة ليستر أشارت إلى أن الريسفيراترول قادر على الوصول إلى الأمعاء بدون هضم، مما يجعله مرشحًا مثاليًا كعلاج وقائي من نمو الأورام. كما أن التجارب المخبرية على الفئران أظهرت نتائج إيجابية في إبطاء نمو الأورام، ما زاد من احتمالية نجاح التجربة الحالية في تقليل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء.
عصر جديد في أبحاث السرطان
تعد هذه الدراسة من أبرز الأبحاث التي تسعى إلى تغيير نظرة الطب حول السرطان. يقول الدكتور إيان فولكس، المدير التنفيذي للأبحاث والابتكار في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إن هذه التجربة تفتح الباب أمام "عصر جديد في أبحاث السرطان"، حيث يمكن للوقاية من المرض أن تصبح أمرًا واقعًا من خلال العلوم المتطورة. ويضيف فولكس أن الفوائد المحتملة من هذه التجربة قد تمنح الناس حياة أطول خالية من القلق من الإصابة بالسرطان.