كشفت دراسة حديثة من جامعة شيكاغو أن مفهوم "الذكورة" قد يكون له تأثير مباشر على صحة الرجال، حيث أشارت إلى أن الشعور بالقوة والاستقلالية المرتبط بهذا المفهوم قد يجعل الرجال أقل رغبة في طلب الرعاية الصحية، حتى عند مواجهتهم لمشاكل صحية خطيرة. وقام الباحثون بمتابعة حوالي 4000 رجل تتراوح أعمارهم بين 12 و42 عامًا، يعانون من ارتفاع ضغط الدم، في إطار دراسة وطنية شملت بيانات صحية لما يزيد عن 12 ألف مشارك جمعت بين عامي 1994 و2018.
مفهوم "الذكورة" وتأثيره على السلوك الصحي للرجال
أظهرت الدراسة أن السلوكيات المرتبطة بمفهوم "الذكورة" قد تدفع الرجال إلى تجنب اللجوء إلى الرعاية الطبية حتى بعد تشخيصهم بحالات صحية تتطلب علاجًا منتظمًا. ويعتقد الباحثون أن الرجال الذين يتبنون سمات ذكورية بارزة أقل احتمالًا بنسبة 11% لتناول الأدوية الموصوفة لعلاج ضغط الدم، كما أنهم أقل احتمالًا بنسبة 10% لتناول أدوية السكري، وذلك مقارنة بأقرانهم الأقل تمسكًا بتلك السمات.
دراسة كليفلاند: 65% من الرجال يتجنبون زيارة الطبيب
في دراسة استقصائية أجريت في عيادة كليفلاند، أظهر 65% من الرجال تجنبهم طلب المساعدة الطبية لأطول فترة ممكنة، حيث يعتقد الكثيرون أن المشاكل الصحية ستختفي تلقائيًا أو أنهم مشغولون بما يكفي ولا يملكون وقتًا لزيارة الطبيب. ويدعم هذا النمط من السلوك ما أظهرته دراسة جامعة شيكاغو من أن مفهوم "الذكورة" يدفع الرجال إلى إهمال صحتهم.
أضرار تجنب الرجال للرعاية الصحية
أشار الباحثون إلى أن عدم الالتزام بالعلاج الطبي المناسب قد يضاعف من خطورة بعض الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، مما يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والخرف. وأكدوا أن الاستجابة للعلاج في الوقت المناسب قد تكون عاملاً حاسمًا في الوقاية من هذه الأمراض التي تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة.
تأثيرات الضغط المجتمعي على سلوك الرجال الصحي
كشف الباحثون عن أن الضغط المجتمعي لتبني سلوكيات ذكورية متشددة قد يؤدي إلى خلق نوع من التحدي أمام الرجال للتعامل مع مشاكلهم الصحية. ويفسر ذلك تراجع الرجال عن طلب العلاج الطبي والاعتماد على معتقدات خاطئة بأنهم قادرون على مواجهة المشاكل بمفردهم دون الحاجة إلى مساعدة.
أهمية توعية الرجال بضرورة العناية بالصحة
شدد الباحثون على أهمية نشر الوعي بين الرجال حول مخاطر تجاهل المشاكل الصحية وتجنب الرعاية الطبية. فقد يؤدي هذا التجاهل إلى تدهور الصحة بشكل أسرع وتفاقم الأعراض بمرور الوقت. وأوصت الدراسة بضرورة تغيير مفهوم "الذكورة" ليتضمن اعتناء الرجل بصحته باعتباره جزءًا من قوته ومسؤوليته، مما سيسهم في تقليل المخاطر الصحية وتحسين نوعية الحياة على المدى الطويل.
دعوة إلى استشارة طبية منتظمة
كخطوة عملية، تدعو المؤسسات الصحية إلى تشجيع الرجال على إجراء فحوصات طبية منتظمة لمراقبة صحتهم، خاصةً في المراحل العمرية المتقدمة حيث تزداد معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة. كما تشجعهم على الابتعاد عن التصورات التي تجعلهم يشعرون بالخجل من طلب المساعدة الطبية، لأن الصحة الجيدة تعني القدرة على مواجهة تحديات الحياة بشكل أقوى وأكثر فاعلية.