من منا لم يشعر بالسعادة والرضا بعد تناول وجبة لذيذة؟ هذا الشعور لم يعد لغزًا، فقد اكتشف علماء وجود رابط علمي يوضح كيف يؤثر الطعام على حالتنا المزاجية. وفقًا لدراسة حديثة، تم الكشف عن دور مهم لمادة السيروتونين في جعلنا نشعر بالسعادة بعد تناول الأطعمة المغذية.
العلاقة بين الأمعاء والدماغ
يعتبر الجهاز الهضمي والدماغ مرتبطين بشكل وثيق من خلال شبكة من الأعصاب والإشارات الكيميائية. في السنوات الأخيرة، توصل العلماء إلى أن الأمعاء تلعب دورًا أكبر مما كان يُعتقد في تنظيم حالتنا المزاجية. فعند تناول الطعام، يبدأ الجسم بإرسال إشارات إلى الدماغ عبر الجهاز العصبي، مما يؤثر بشكل مباشر على شعورنا بالسعادة أو الرضا.
وفقًا لدورية "Current Biology"، أجرى فريق من الباحثين من جامعتي بون وكامبريدج دراسة لتحديد كيفية تأثير تناول الطعام على الدماغ بشكل أكثر دقة. وكانت النتيجة اكتشاف أن السيروتونين، وهو ناقل عصبي مسؤول عن تنظيم الحالة المزاجية، يفرز بكميات أكبر عند تناول الأطعمة المغذية.
التفاعل بين الجهاز العصبي والأمعاء
أثناء تناول الطعام، يتفاعل الجهاز العصبي مع الإشارات القادمة من البيئة المحيطة، مثل رائحة الطعام، وأيضًا مع الإشارات الفسيولوجية داخل الجسم. وجد الباحثون أن هذه التفاعلات المعقدة تساهم في إفراز مادة السيروتونين، ما يجعلنا نشعر بالسعادة والارتياح بعد تناول الطعام.
دراسة على يرقات ذبابة الفاكهة
لتبسيط العملية العصبية المعقدة بين الأمعاء والدماغ، اختار الباحثون إجراء تجارب على يرقات ذبابة الفاكهة. تحتوي هذه اليرقات على حوالي 10,000 إلى 15,000 خلية عصبية، مما يجعلها مثالية لفحص الشبكات العصبية. توصل الباحثون إلى اكتشاف نوع من "مستقبلات التمدد" الموجودة في مريء اليرقات، والتي كانت مرتبطة مباشرة بخلايا عصبية في الدماغ مسؤولة عن إنتاج السيروتونين.
السيروتونين والطعام الجيد
أحد الاكتشافات المثيرة في هذه الدراسة هو أن الخلايا العصبية المنتجة للسيروتونين تستجيب فقط للطعام الذي يحتوي على قيمة غذائية عالية. بمعنى آخر، يتفاعل الدماغ مع الطعام المغذي بشكل مختلف عن الطعام غير الصحي، حيث يطلق السيروتونين فقط عند تناول الأطعمة المفيدة. هذا يعني أن الدماغ ينظر إلى الطعام المغذي كنوع من المكافأة، مما يشجع على مواصلة تناول المزيد منه.