كشف فريق من العلماء الأمريكيين في جامعة "فاندربيلت" عن آلية جديدة تشرح كيف يؤدي ارتفاع درجة حرارة الجسم الناتج عن الالتهابات المزمنة إلى إتلاف عمل الميتوكوندريا داخل الخلايا. تُعتبر الميتوكوندريا محطات الطاقة التي تمد الخلايا بالطاقة اللازمة للقيام بوظائفها الحيوية، وعندما تتعطل، تترتب على ذلك آثار خطيرة على صحة الخلايا وقدرتها على البقاء.
دور الالتهاب في تحويل الخلايا السليمة إلى خلايا خبيثة
من المعروف أن الالتهابات المزمنة تزيد من خطر تطور العديد من الأمراض، بما في ذلك الأورام السرطانية. يُعتقد أن حوالي ربع الأورام الخبيثة المكتشفة ترتبط بعمليات التهابية متنوعة، ولكن ما يثير الاهتمام هو كيف يسهم ارتفاع درجة حرارة الجسم المرتبطة بهذه الالتهابات في تحويل الخلايا السليمة إلى خلايا خبيثة. وأوضح الباحث دارين هينتسمن من جامعة "فاندربيلت" أن الدراسات الحالية تُظهر أن درجات الحرارة المرتفعة تؤدي إلى طفرات في الحمض النووي للخلايا، مما يعزز تطور السرطان.
تأثير درجات الحرارة المرتفعة على الخلايا التائية
قام العلماء بدراسة كيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة على سلوك الخلايا التائية، وهي نوع من الخلايا المناعية المسؤولة عن مكافحة الالتهاب. تم إجراء التجارب في بيئة مختبرية تحاكي ظروف الالتهاب المزمنة، حيث تم تعريض الخلايا لدرجة حرارة تبلغ 39 درجة مئوية، وهي درجة حرارة شائعة في بؤر الالتهاب.
أضرار الحرارة على الميتوكوندريا
أظهرت التجارب أن ارتفاع درجة الحرارة أدى إلى خلل في وظيفة الميتوكوندريا داخل الخلايا التائية. هذا الخلل تسبب في تقليل كفاءة هذه الخلايا في أكسدة العناصر الغذائية الضرورية لإنتاج الطاقة، وزيادة مستوى التوتر في الخلايا المناعية. علاوة على ذلك، تم اكتشاف أن هذا الخلل ساهم في موت الخلايا الجماعي، وهو ما يُعد نتيجة خطيرة تؤثر على قدرة الجسم على مقاومة الأمراض.
التراكم المتسارع للطفرات في الحمض النووي
واحدة من النتائج المقلقة التي توصل إليها الباحثون هي التراكم المتسارع للطفرات في الحمض النووي للخلايا التي تعرضت لدرجات حرارة مرتفعة. هذه الطفرات يمكن أن تؤدي إلى تحول الخلايا إلى خلايا خبيثة، ما يرفع من احتمالية تطور الأورام السرطانية في الجسم. وبهذا الشأن، لاحظ العلماء اضطرابات مشابهة في خلايا الفئران المصابة بمتلازمة القولون العصبي، وكذلك في أنسجة مرضى يعانون من أمراض مثل مرض "كرون" والتهاب المفاصل الروماتويدي.
الالتهاب والأورام الخبيثة: علاقة وثيقة
من المعروف أن العمليات الالتهابية المزمنة تُعتبر بيئة مثالية لتطور الأورام الخبيثة. ارتفاع درجة حرارة الجسم يعزز من نشاط الميتوكوندريا بشكل غير طبيعي، مما يزيد من إنتاج المواد المؤكسدة التي تسبب تلف الحمض النووي. وبمرور الوقت، يؤدي هذا الضرر إلى ظهور طفرات في الحمض النووي تعزز نمو الخلايا السرطانية.
خلاصة البحث وأهميته
يشير هذا البحث إلى أهمية فهم العلاقة بين الالتهابات المزمنة وارتفاع درجة حرارة الجسم كعامل مؤثر في تطور السرطان. ويعكف العلماء الآن على دراسة كيفية استهداف الميتوكوندريا وتقليل الأضرار التي تتعرض لها نتيجة الالتهاب، بهدف تطوير استراتيجيات جديدة لمنع تطور الأورام الخبيثة في المستقبل.