فتوى شرعية: ماحكم النظر إلى صور الزوجة المتوفاة؟

في ضوء التساؤلات المتكررة حول حكم النظر إلى صور الزوجة المتوفاة، وخاصة إذا كانت الصور تُظهرها بدون حجاب أو بجزء مكشوف من جسدها، يبرز هنا الجدل بين المفكرين والفقهاء الإسلاميين حول مدى استمرارية العلاقة الزوجية بعد الوفاة وما يُسمح به في مثل هذه الحالات.

العلاقة الزوجية والموت: هل تنتهي أم تستمر؟
وفقًا للشريعة الإسلامية، فإن العلاقة الزوجية لا تنتهي بمجرد موت أحد الطرفين. يستند هذا الحكم إلى حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يشير إلى استمرارية الروابط الزوجية حتى بعد الموت. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جَنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ...". يُستدل من هذا الحديث أن النبي كان يتحدث عن غسل وتكفين زوجته بعد وفاتها، مما يدل على أن العلاقة لا تنقطع بالموت.

حكم النظر إلى الصور في الشريعة الإسلامية
يوجد توافق واسع بين علماء المسلمين على أنه يجوز للزوج أن ينظر إلى صور زوجته المتوفاة حتى لو كانت بغير حجاب، طالما أن ذلك لا يثير شهوته أو يجدد حزنه. يستند هذا الرأي إلى الأحاديث النبوية وإجماع العلماء على جواز غسل الزوج لزوجته المتوفاة والعكس بالعكس. قال النووي: "إجماع المسلمين أن للمرأة غسل زوجها... وأما غسله زوجته: فجائز عندنا وعند جمهور العلماء".

الأدلة الشرعية وتجارب الصحابة
تأتي الأدلة الشرعية من الأحاديث والتجارب العملية للصحابة الكرام الذين غسلت زوجاتهم بعد وفاتهم، مثل حالة أسماء بنت عميس التي غسلت زوجها أبا بكر الصديق بعد وفاته. وأيضًا، تأتي من حديث الشيخ ابن باز الذي أكد على جواز غسل الزوجين لبعضهما البعض والنظر إلى بعضهما البعض بعد الوفاة.

الشروط والضوابط للنظر إلى الصور
يجب على الزوج عند النظر إلى صور زوجته المتوفاة أن يكون بلا شهوة أو تفكير مفرط في العلاقة الحميمية التي كانت بينهما. يُنصح بأن يتم ذلك بتوازن واعتدال، دون أن يؤدي ذلك إلى الحزن الشديد أو التأمل بشهوة. وأكد الشيخ ابن عثيمين على أن النظر يكون بدون شهوة كما هو الحال مع المحارم.

الخلاصة
تدل الأدلة الشرعية وتجارب السلف الصالح على أن العلاقة الزوجية تستمر حتى بعد الموت، ويجوز للزوج أن ينظر إلى صور زوجته المتوفاة طالما أن ذلك يتم بدون شهوة أو تفكير عميق في العلاقة التي كانت بينهما. ومع ذلك، ينبغي عليه أن يتجنب ما يمكن أن يجدد حزنه أو يثير شهوته، حيث يجب أن يكون ذلك في إطار الاحترام والتقدير لذكريات الشخص المتوفى.

في النهاية، يتعين على المسلمين استشارة العلماء والمفتين في مثل هذه الأمور للحصول على الفتاوى الموثوقة والمبنية على الأدلة الشرعية الصحيحة. والله أعلم.









إغلاق
تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

كيف تصف تجربتك في التكيف مع الحياة والثقافة الأمريكية؟