تتزايد الأساليب التي يستخدمها البعض لتحقيق الأرباح من خلال الإنترنت، ومن بين هذه الأساليب التربح من النقر على الإعلانات والمنتجات لزيادة عدد مرات مشاهدة المنتج. ويثار سؤال حول حكم الشرع في هذه الممارسات، خاصةً عندما يتضمن الأمر أمورًا مثل الغش والخداع.
الشرط الأول: عدم وجود مقابل مادي
ينبغي أن يكون الدخول في هذه العمليات مجانياً، حيث يحرم التربح إذا كان يتم بمقابل مادي. فعندما يطلب من الشخص دفع مبلغ من المال لتحقيق النقرات أو الزيارات، فإن هذا يشبه المقامرة، والتي تعتبر محرمة في الإسلام. يقول ابن حجر المكي: "الميسر: القمار بأي نوع كان"، ويشير إلى أن المقامرة تعني دفع المال على أمل غير مؤكد للحصول على أكثر أو أقل. هذا النوع من المعاملات يؤدي إلى خسارة مؤكدة وربح محتمل، وهو محرم.
الشرط الثاني: شرعية الإعلانات والمنتجات
يجب أن تكون الإعلانات والمنتجات التي يتم الترويج لها مباحة، حيث يُحظر التربح من الترويج للسلع أو الخدمات المحرمة أو التي تعين على المعصية. كما قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2].
الشرط الثالث: تجنب الغش والخداع
يجب تجنب أي شكل من أشكال الغش والخداع. النقر على المنتجات لزيادة عدد مرات مشاهدتها، بهدف إيهام الآخرين بأن المنتج أكثر شعبية مما هو عليه في الحقيقة، يعتبر نوعاً من الغش. هذا يتناقض مع مبادئ النزاهة والشفافية، ويمثل نوعاً من الاحتيال على المشتري. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي" (مسلم، 102)، وهذا يدل على حرمة الغش في الإسلام.
الربط بين النقرات والنجش
يمكن مقارنة هذا النوع من التلاعب بالنجش، وهو أن يزيد شخص ما في ثمن السلعة دون نية الشراء. النجش يعتبر محرمًا لما يتضمنه من تغرير المشترين وإيهامهم بوجود إقبال على السلعة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تَنَاجَشُوا" (البخاري، 2150؛ مسلم، 1413). النقر على المنتجات لزيادة مشاهداتها يعتبر من أساليب التغرير التي تجعل المنتج يبدو أكثر طلباً مما هو عليه في الواقع.
الخلاصة
التربح من النقر على المنتجات لزيادة عدد مرات المشاهدة هو ممارسة محكومة بشروط محددة. يجب أن يكون الدخول في هذا النشاط مجانياً، وأن تكون المنتجات والإعلانات مباحة، وألا يتضمن أي شكل من أشكال الغش أو الخداع. إذا كانت هذه الشروط غير متوفرة، فإن التربح من هذه الطريقة سيكون محرمًا، لأنه يتضمن الغش والتلاعب، وهو مخالف لمبادئ النزاهة في الإسلام.