يعد التسويق من أبرز الأنشطة التجارية في العصر الحديث، حيث يلعب دوراً حيوياً في تعزيز مبيعات المنتجات والخدمات. ولكن ما هو الحكم الشرعي لتسويق المنتجات، خاصة إذا كانت قد تحتوي على مواد محرمة؟
شروط التسويق الشرعي
وفقًا للأحكام الشرعية، يمكن التسويق للمنتجات بعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي وأخذ عمولة معلومة من الزبائن، بشرط توافر شرطين أساسيين:
أن تكون المنتجات مباحة:
لا يجوز بيع المحرمات ولا الدعاية لها، استنادًا إلى قوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة: 2). لذلك، يجب التأكد من أن المنتج المروج له خالٍ من أي مكونات محرمة.
أن تكون العمولة معلومة:
يجب أن تكون العمولة معلومة ومحددة، سواء كانت مبلغا شهريا أو على كل تصفح. وهذا لأن شرط الوساطة والسمسرة يتطلب العلم بالجُعل أو الأجرة، كما أوردت الموسوعة الفقهية.
التحقق من المنتجات المباعة
إذا كان المنتج يشتمل على مفردات متعددة، تكفي غلبة الظن في كونه مباحًا، لتعذر اليقين في جميع التفاصيل. على سبيل المثال، إذا كان موضوع الكتاب مباحًا، لا يشترط العلم بتفاصيل ما فيه، بل تكفي غلبة الظن في كونه لا يدعو إلى رذيلة أو يروج لباطل.
العمل بغلبة الظن
العمل بغلبة الظن ورد به الشرع، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ" (رواه البخاري ومسلم). هذا يؤكد أن الشريعة الإسلامية تعتمد على غلبة الظن في الأحكام التي يتعذر فيها الوصول إلى اليقين.
تطبيق القواعد الفقهية
تطبيق القواعد الفقهية فيما يتعلق بالمنتجات التي لا يمكن التحقق من جميع مفرداتها بدقة، يجعل من غلبة الظن معيارًا للحكم. كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وإن تعذر اليقين فارجعا ... لغالب الظن تكن متبعاً".
الحاصل
يمكن القول إنه لا حرج في تسويق المنتجات ما دام أصلها مباحًا وغلب على الظن سلامتها من الحرام. ينبغي على المسوقين الالتزام بالشروط الشرعية لضمان أن تكون عملياتهم مباحة وموافقة للضوابط الشرعية.
بهذا، يمكن للأفراد ممارسة التسويق بطريقة مشروعة تعزز من الثقة والالتزام بالقيم الدينية، مما يضمن نجاح العمليات التجارية بشكل أخلاقي ومسؤول.