حكم بيع نصيب أحد الورثة دون موافقة الجميع
إن بيع نصيب أحد الشركاء في ملك مشترك دون إذن الآخرين يعتبر غير جائز شرعًا. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ" (رواه أحمد وصححه الألباني). وهذا يشمل التصرف في ملك الآخرين بدون إذنهم.
يقول الكاساني: "فأما شركة الأملاك: فحكمها أن كل واحد من الشريكين كأنه أجنبي في نصيب صاحبه، لا يجوز له التصرف فيه بغير إذنه" (بدائع الصنائع).
حقوق الشريك في الشفعة
يحق للشريك الذي لم يوافق على البيع أن يسترد نصيبه من الأرض بالشفعة، وهي استحقاق انتزاع الإنسان حصة شريكه من مشتريها بمثل ثمنها. فعن جابر رضي الله عنه، قال: "قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ" (رواه مسلم).
حالة الأرض القابلة للقسمة
إذا كانت الأرض كبيرة ويمكن قسمتها دون ضرر، فإن الشريك الذي رفض البيع يحق له فصل نصيبه وبيعه بشكل مستقل. يقول البهوتي: "وأما ما لا ضرر في قسمته... إذا طلب الشريك قسمتها: أجبر شريكه الآخر عليها" (الروض المربع).
حالة الأرض غير القابلة للقسمة
في حالة أن الأرض لا يمكن قسمتها إلا بضرر، أو كانت صغيرة بحيث لا يُستفاد منها بعد القسمة، يمكن للشريك غير الموافق أن يأخذ الأرض بحق الشفعة إذا كان يملك القدرة المالية لذلك. وإذا رفض، يجوز بيع الأرض وقسم الثمن بين الورثة بحسب حصصهم. يقول البهوتي: "ومن دعا شريكه فيها إلى بيع أجبر، فإن أبى باعه الحاكم عليهما وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهم" (الروض المربع).
توجيهات أخلاقية وتوصيات عملية
ينبغي للإخوة أن يتحلوا بروح التعاون والتسامح وألا يجعلوا مثل هذه الأمور سببًا في القطيعة والخلاف. من الأفضل محاولة الوصول إلى تسوية ترضي الجميع، وفي حال تعذر ذلك، يمكن اللجوء إلى القضاء الشرعي للفصل في النزاع.