كتب سعدالله بركات: الجالية الزيدلية والصددية في كاليفورنيا تفتقد  المربي سمعان دندوش "أبا إياد"

*كنّا على نية لقاء ، بعدما طال البعاد  وحين باشرنا جدولته ، جاءني صوته  خفيضا ، وهوالذي كان جرسه نغما من مودة خالصة مرفوقة بابتسامة مشرقة لا تكاد تفارق محيّاه .
لم يشأ أن يقلقنا كثيرا ، حمد الله وكرّر أنه افضل ، لكن هاتف الاطمئنان ، كان بلا مجيب ، حتى جاء الخبر الكئيب  في 12 شباط ، رحل أبو إياد ، رحل الصديق الوفيّ والنسيب . 
بداية جمعتنا نسابة ،  كصهرين لأخوين زيدلييّن ، ومع الأيام تنامت علاقة أخوية ،  وطّدتها أواصر ودّ ومحبة ، كان له فيها فضل وسبق ، وإن على تباعد لقيا ،  أنا  الذي جذبتني الشام  ثم الإعلام عملا وزواجا ، وهو الذي انغرس مع جذور لوز وعرائش بلدته زيدل - شرقي حمص  التي ترعرع  ودرس فيها وفي فيروزة وحمص  ، حتى إذا أنجز تحصيله العلمي ،  راح سمعان دندوش ، يأخذ بيد الناشئة معلما أو مدرّسا للتاريخ ، لتاريخ وطن طالما فخر به ، ولقّن عبره لأجيال وأجيال على مدى 30 عاما ونيّف .
بين المدرسة ، وكروم اللوز والعنب ، أمضى سنوات عطائه ، كادحا مكافحا ، وبعرق الجبين  ابتنى بيتا عامرا بالكفاح والمحبة  والصفاء ، بمشاركة فاعلة من رفيقة دربه التي سبقته إلى ديار الحق قبل عقد ونصف من الزمان ، وظلّ على وفائه لذكراها .
لم يكن رصيده بنكيا ، ولا عمارات  أوعقارات ،  وإنما ترك عائلة  طيبة الخلق والمعشر، على نحو سيرته العطرة ، التي حرص عليها على مدى ثمانية عقود من كدّ وودّ ، سيرة فوّاحة كزهر اللوز الذي كان يصابحه أو يماسيه ،بلا كلل ولاملل ، وإنما بكثير كثير من الأمل . 
ما تهاتفنا  مرّة ، إلاّ وكانت الشام كما زيدل وصدد ، فحوى شجن أو اطمئنان ،  وسط رجاء لزيارة  الربوع ، وقد منّ الله عليه بما يروي بعض غليل ..
نفتقد أبا إياد ، مع أسرته  ومحبيه ، كما نفتقد ابتسامة لم تفارقه في أحلك الظروف  ، نفتقد محبته  غامرة لناس وبلدة ، و لوطن عشق تاريخه فنذر نفسه لنشر أزاهيره  ، وحين اغترب ، فارقه جسدا ولم يغادره روحا ،على قولة الشاعر  :


الجسمُ في بَلَدٍ وَالرُّوحُ في بَلَدِ




يَا وحشَة الرُّوحِ بَلْ يَا غُربَةَ الجَسَدِ



إِنْ تَبْكِ عَيْنَاكَ لي يَا مَنْ كلِفْتُ بِهِ




مِنْ رَحمَةٍ فَهُما سَهْمانِ في كَبِدي



*قدر فقيدنا أن يرحل بعيدا عن تراب أحبّه ، وبلا وداع الأحبّة  ،فله الرحمة ، ولأولاده وذويه ، بل لزيدله التي عشق أرضها وناسها ، كما لطلابه وعارفيه صادق التعازي ، ولهم الصبر والسلوان   آمين .. 
   
*بقلم الكاتب الإعلامي سعدالله بركات



إغلاق


تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

برأيك هل سيتم رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا؟