في خاتمة ستظل محفورة في ذاكرة الدراما العربية، قدّم مسلسل "البطل" مشهداً نهائياً يُعادل تحفة سينمائية بكل المقاييس، جمع بين بسام كوسا، وسام رضا، محمود نصر، حسان عباس، وجيانا عيد في لوحةٍ درامية تذوب فيها الحدود بين البطولة والانتقام.
بدم يغلي، يقتل مجد فرج وكأنه يقتل جزءًا من نفسه قبل أن يقتل ضحيته. الدماء تسيل، لكن الصمت هو الأكثر إيلامًا. فجأة، يدخل يوسف كشبحٍ من الماضي، ينظر إلى فرج بعينين تحملان كل الألم والغضب، ثم يُطلق فرج جملته التي هزت المشهد: "استاذ... أنت بتحبني!". كلماتٌ بسيطة، لكنها كالقنبلة، تكشف عن علاقة معقدة بينهما حيث الحب والخيانة يتصارعان في نفس الجرح.
قبل أن يستوعب المشاهدُ كلمات فرج يدخل راجح حسان عباس كالصاعقة، وجهه يعكس ذهولًا يصعب وصفه. عيناه تبحثان عن إجابة، لكن كل ما يجده هو جثة مُمددة على الأرض، وأم فرج جيانا عيد التي تهرع كالأسيرة في سجن الألم، تغمض عيني ابنها الميت بيدين ترتجفان، وكأنها تُغلق فصلًا كاملًا من حياتها. هنا، لا تحتاج جيانا عيد إلى حوار؛ فدموعها الصامتة وحركتها البطيئة قالوا كل شيء.
في اللحظة الأكثر قسوة، يعلن يوسف أنه القاتل، ليكون بطلا يحمي ابنه مرة جديدة . لكن السؤال يظل معلقًا: من هو القاتل الحقيقي؟ هل هو مجد الذي حمل المسدس ، أم فرج الذي ربما قَتَلَ نفسه مرات ومرات بدافع الحب أو الغيرة أو الطمع أو أو أو.
أم أن المجتمع والظروف هم من صنعوا هذه النهاية المأساوية؟ المشهد يترك المشاهد في دوامة من المشاعر، حيث تتحول البطولة إلى لعنة، والحب إلى جريمة.
مسلسل البطل لم يقدم لنا نهايةً تقليدية، بل قدّم لوحة فنية مكتملة الألوان: الدم الأحمر، الصفرة الشاحبة لوجوه الحاضرين، والظلام الذي يلفّ المكان. الإخراج، التمثيل، وحتى الموسيقى التصويرية صبغوا المشهد بهالةٍ تراجيدية تذكرنا بأعظم المسرحيات اليونانية.
في النهاية، البطل قتل براءة المشاهد ، تاركًا إيّانا نبحث عن أبطالنا الحقيقيين... أو ربما عن أعدائنا المختبئين في مرايا نفوسنا.