من يراقب المشهد السياسي في الشرق الأوسط يلاحظ بوضوح التناقض العجيب في تعامل الولايات المتحدة مع كل من إيران وإسرائيل. ففي العلن، تقدم نفسها كحامية للديمقراطية وراعية للسلام، لكنها في الخفاء تمارس سياسة براجماتية قائمة على موازنة القوى، ودعم من يخدم مصالحها، حتى لو كان ذلك على حساب حلفائها التقليديين.
إيران العدو الذي لا يموت
الوجه الظاهر:
الولايات المتحدة تفرض على إيران منذ 1979 حزمة من العقوبات الاقتصادية والسياسية.
تتهمها بدعم الإرهاب، وتمويل الميليشيات المسلحة، والسعي لامتلاك سلاح نووي.
تستخدم خطابًا ناريًا في الإعلام والسياسة الخارجية، يشي بأن الحرب قريبة في كل لحظة.
الوجه الباطن:
أمريكا تستفيد من وجود إيران كفزاعة دائمة في المنطقة.
بقاء إيران كقوة "مزعجة" يُبرر
الوجود العسكري الأمريكي في الخليج.
صفقات السلاح بمليارات الدولارات مع الخليج.
التأثير السياسي المباشر على دول كالسعودية والإمارات وقطر.
في الخفاء، هناك تفاهمات أمنية غير مباشرة عبر وسطاء مثل سلطنة عمان أو سويسرا لتجنب الصدام التام، ولتمرير مصالح متبادلة ، علما بان الجميع يعلم ان إسرائيل الحليف المدلل... والمشاغب أحيانًا
الوجه الظاهر:
إسرائيل تتلقى أكبر دعم عسكري أمريكي في العالم ،اكثر من 3.8 مليار دولار سنويًا.
أمريكا تستخدم "الفيتو" بشكل دائم لحمايتها في مجلس الأمن.
تُقدمها كحليف ديمقراطي محاط بأعداء ديكتاتوريين.
الوجه الباطن:
أمريكا تستخدم إسرائيل كأداة لفرض توازن القوة ضد محور إيران وسوريا ولبنان.
في فترات التوتر، تمارس واشنطن ضغوطًا صامتة على تل أبيب خاصة عندما تضر سياساتها بمصالح أمريكا مع الخليج أو أوروبا..
تدرك أن إسرائيل أحيانًا تحرج الإدارة الأمريكية أمام العالم كما في حروب غزة، لكنها تتغاضى ما دام النفوذ مستمرًا.
اللعب على الحبلين: كيف تدير أمريكا التناقض؟
إستراتيجية ،الاحتواء المزدوج ، لا تدعم إيران بشكل مباشر، ولا تسعى فعليًا لتدميرها… وتدعم إسرائيل لكن دون إطلاق يدها بلا حساب.
سياسة الأزمات المفتوحة: تُبقي التوتر قائمًا دون حله، لأن الأزمات تضمن استمرار نفوذها ومبيعات السلاح.
حيث اننا نلاحظ اعادة ترتيب الأوراق التي تلعب عليها أمريكا لجعل الخليج يتقارب مع إسرائيل بدافع الخوف من إيران… مما يجعل الجميع معتمدًا عليها ، الولايات المتحدة لا تملك أعداء ، ولا أصدقاء دائمين.. فقط مصالح دائمة فبالتالي يحدث الاتي ،
إيران تخيف، إسرائيل تضرب، وأمريكا تتحكم.
في عالم السياسة، لا مكان للمبادئ الثابتة. وكل من يظهر بموقف واضح، يخفي خلفه شبكة من المصالح المعقدة.
الشرق الأوسط ليس سوى رقعة شطرنج، والولايات المتحدة تلعب بجميع القطع… أما الشعوب ستبقي دوما الضحية..