كتب/ ماهر اللطيف: أضغاث أحلام

الاربعاء 07/05/2025
قفزت عاليا فجأة، فإذا بي فوق السحاب الشاهق، ألهو وأمرح، أركل كتل السحاب، أمزق أوصالها، أتمدد على موجاتها، أعصرها فتتبخر وتمطر السماء مدرارا ....

فتحت باب السيارة بسرعة وامتطيتها لأُشغِّل محركها، متى وجدت في المقاعد الخلفية أسدا ساخرا بي، زهر، ثم قال "أبلغك سلام والدك، سأحملك إليه إن رغبت في ذلك أيها الشقي" - ووالدي مُتوفّى منذ مدة-...

سبحت في البحر، فاعترض سبيلي قرش تركب ظهره "وعد" - حبيبتي القديمة- ضاحكة وهي تومئ نحوي وتشير لي، غمزني، فتح فاه وتمتم بصوت مسموع "تعال يا فريستي اللذيذة، أدخل إلى أمعائي فقد اشتقت إلى لحم البشر... "، فجريت، ركضت،أسرعت وأنا أشق الطرق والأنهج وأصيح "النجدة، النجدة،النجدة... "

فإذا بيد تشدني من ذراعي برفق زادت في خوفي وهلعي، مرة، وثانية، وثالثة مرفقة بصوت أعرفه جيدا يقول لي "بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم اجعله خيرا... سليم، يا سليم، استفق بني... "

فتحت عيني مذعورا، قلبي يخفق خفقانا كبيرا حتى كاد يُقتَلع من مكانه، جسدي يرتعش وهو مبلل بللا مشهودا كأني خرجت للتو من البحر - ليس البلل الذي فهمته أيها القارئ الكريم، بل هو العرق الغزير والشديد-، نظرت حولي يمينا وشمالا، من الفوق إلى الأسفل خوفا من" القرش" ومن نواياه الخبيثة التي لا تؤتمن....

فلمحت وجه أمي الحنون وقد اصفر ، وهي تهديني كوبا من المياه وتتلو ما تيسر من القرآن الكريم، تبتسم في وجهي وتطلب مني ذكر الله، التسبيح، الاستغفار، تساعدني على الاستقامة والاعتدال في جلستي في مرحلة أولى .....

اقتربت مني، وضعت يدها على رأسي برفق وحنان، ربتت على شعري، قبلتني من جبيني بكل رقة إلى أن شعرت بالأمان والطمأنينة، الراحة والسلم، ثم قالت:

- أعد ما كنت تراه في حلمك في سرك، تذكر كل تفاصيله ثم استغفر الله، استعذ من الشيطان الرجيم ...

- (مقاطعا وقد ازداد خوفي) بل هو كابوس أماه، كابوس غريب ككل مرة (ثم قصصته عليها رغم اصرارها على عدم سماعه وإلحاحها لأقوم بما طلبته مني، لكنني تشبثت بموقفي وعرضت عليها كل شيء)

- (مقهقهة ومهدئة من روعي) لابأس بني، لابأس، فهذا أضغاث أحلام (بعدما طلبت منها تفسيرا لهذا المصطلح) هي أحلام متداخلة لا يمكن تفسيرها بأي حال نتيجة كثرة تفاصيلها أو تداخل تلك التفاصيل وعدم وجود ترابط بينها...

وأطنبت في العرض والشرح وأنا أسترجع هذه الأضغاث وغيرها على امتداد ليالي وليالي، فتبينت صدق تعريف المصطلح الذي عرضته علي والدتي - أستاذة جامعية وباحثة في علم النفس - وكل ما قالته، إذ لم أجد أي رابط بين أحداث تلك الكوابيس مهما حاولت ومهما تذكرت....

ومنها، أرجعت ذلك إلى التعب والأرق، الروتين وضغط الحياة، كثرة الصعاب والعراقيل، وسنوها من الأسباب التي قد يكون لها دور في ما يحدث لي في هذه الفترة الصعبة التي أمر بها - نعم، أعلم أنك مررت بهذه المرحلة أيها القارئ - من ناحية، ولعدم مقدرتي على مجابهة مصاعبي ومشاكلي في الواقع من ناحية ثانية....

 فهل إن الأمر عادي، أيها المتصفح لهذا المكتوب، أم إنني مريض يجب علي معاودة الطبيب في أقرب وقت ممكن؟ أم إنني أبالغ وأهوِّل الأمور فأضاعف حيرتي وحالتي النفسية غير المستقرة حاليا؟



إغلاق


تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

برأيك هل سيتم رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا؟