ذات مرة في مقهى الرويبضات كان هناك رويبضٌ حالمٌ بحمقه المتراكم لعلّه من رويبضات القرن الحادي والعشرين اسمه(( طرطر حفانا )) و لديه مزمارٌ من مزامير داوود لكنّه لا يتقن حتّى أن يشرب شربة دود تنظّف أمعاءه أو حتّى دماغه ممّا يجود به على لسانه المقطوع حكماً بحكم الأدلجة المنقوصة والتبعية الكاملة في جوقة الحمقى و زمن الحمير حيث أنّ من ينفخ في الرويبضات أمثاله كمن ينفخ في كير مقطوع و هو يردّد عليك ما قالوه عن أبي موسى الأشعري أنّ النبي الأعظم صلّى الله عليه كما عليه صلوات محبيه(( و نتمنّى أن يعزّز المؤمنون محبّته في عقول و قلوب الكثيرين )) قال:(إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحاً طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يحْرقَ ثِيابَكَ وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً مُنْتِنَةً!)
فتصوّر ما أجمل أن يحدّثك رويبضة من جلساء السوء من دون مزامير عن بقية الرويبضات و هم يزمّرون تزمير الشتاء و الصيف الذي لم يشبع أفواههم بغير الغباء و لن يملأ عقولهم الفارغة بغير التفاهات الدنيا حيث أنّ للتفاهات درجات و هو يريد بقية الرويبضات في أدنى درجات التفاهة المحيطة به و المغروسة داخله!.......
لا يجب أن نلوم رويبضةً صغيراً لأنّه خُلِق وسط رويبضات أكبر على صعيد العمر و القيمة بل نحن نعطف عليه علّه يخرج من حالته إلى حالة يترقّى فيها من رويبضة برتبة جاهل إلى رويبضة برتبة عالم، و ذلك أشدّ وطأة على بقية الرويبضات وسط حالة الصمت الدارج و الخنوع العارج!
عندما تصبح مفاهيم الدولة و المواطنة و المساواة موضع شكّ بل تكاد تسقط أمام أدلجة غير مطروحة أو مأخوذة كما يجب أن تُطرح و تؤخذ فليس علينا أن نصفّق أو أن نهادن مجانّاً من دون تصحيح !
في مقالات سابقة لي منذ سنوات طرحتُ أنا فكرة الخلايا السرية الشعبية المرتبطة مباشرة بالقصر الرئاسي كي تشكّل لوبيّاً وطنيّاً قادراً على زعزعة أركان الفساد و الجهل في حال صارت أركانهما قوية بشبكات مافيوية تتستّر بالشعب و بالقانون، و لكن ما نسمعه إلى حدّ الآن هو ترشيح أناس سماسرة مصالح مرتبطين بأجندات غير نبيلة و هذا أقل وصف يمكن وصفه، و لا نعرف من يرشّحهم و كيف يرشّحهم و على أيّ أساس لمقابلة المسؤولين في المؤسسة الرئاسية تحت بند أنّهم يرون من خلالهم مطالب الشعب و هم لا يمثّلون إلّا أنفسهم البعيدة عن الوطن و الشعب في حماة و غير حماة على الجغرافيا السورية الواسعة التي نرى فيها تصاعد شعارات تحريضية ضدّ المواطن شعارات في حال مساسها بأيّ مواطن فحكماً ستمسّ الوطن بأكمله ، و هذا يعيدنا إلى المربّع السابق في الحقبة الماضية لأنّ ممارسة نفس الأسلوب لن توصلنا إلى نتائج مرضية تشفي الوطن و الشعب من آثار التدمير المادي و المعنوي داخلياً و خارجياً بقدر ما ستبقي مشاريع تجارب المواطنة المنقوصة بؤراً انفجارية في وطنٍ لم و لن يقنعوا الشعب فيه ما لم يكن موضوع الازدهار الاقتصادي و المساواة في الحقوق و الواجبات و صون الكرامات الموضوع الأساسيّ على مرّ الحكومات ، و حكماً صون الكرامات لا يكون بطرح نداءات إبادة طائفية من أيّة طائفةٍ كانت كبيرة أم صغيرة !
أجندات تقسيم سورية بالتأكيد ليست خافية على أحد لكن هل علاج هذه المسألة الكبرى يكون بخوض نفس الأساليب المنصرمة أم يكون بترجمة عقد جامع وطني يحمي حقوق الجميع و يعزّز التنمية الاقتصادية في عقولهم و جيوبهم بدلاً من تحويلهم إلى عاطلين عن العمل ((و الراتب ((راتب السوريين في مؤسسات الداخل و ليس في مؤسسات الخارج راتب الجوع و العوز و الفاقة و ليس راتب الشبع)) في أقصى درجاته لم يتجاوز حتّى الآن 40 دولار)) و يصون كراماتهم و يحقن دماءهم ، و الكلّ يعلم أنّ العرب منذ الغساسنة و المناذرة مروراً بحروب الثأر و موقعة الجمل و حرب الأمين و المأمون و حتّى الآن على مشارف قسد و مسد لم يتوحّدوا و لم يستقلّوا بقدر ما كانوا تابعين لأجندات خارجية اقتتلوا من خلالها على العروش حتّى ضمن الحقبة الواحدة فعن أيّة وحدةسنتحدّث إذا لم نعالج الحدث المستحدث ؟!......
في مؤسسة القيامة السورية الفينيقية ما زال عبّاس بن فرناس يمارس سقطات الرأس الحائر و الذيل الضائع ، فمن ينقذ وطن الصلوات من جهل الكثيرين من القائمين على الدعوات و منها دعوات التحريض ، و إذا ما بقيت سورية في دوّامة الأخذ و الردّ و الاستعراض دون رفع العقوبات فهل سينقذنا الجلوس على العروش ما لم نعمل مع أنفسنا و مع مواطنينا و مع الرئيس الشرع كي نحمي مكتسبات الحقبة الجديدة فلا تنهار بالاقتتال أو على الأقل باستمرار النزيف الاقتصادي و الجوع الشعبيّ !
سورية وطن الجميع و صندوق الاقتراع لن يقصي لا الكبير و لا الصغير ولا المقمّط في السرير كما يقول مثل الشعب المرير !!!
و أختم كشاعر قائلاً بلغة الشعر المحكيّ لغة الأمل الشعبيّ:.......
عمران بكاسك صبر
و السكر غطّى العمر
بردان بنارك شعب
و الفقر آمر أمر
هربان بسيفك وطن
و الشعب طالب هجر
رجعان بغمدك شقا
و الرجا بيتو الزجر
عشقان بقلبك سقط
و الوفا طالب أجر
معقول بعشقك نسي
و الظلم ناطر فجر ؟!
بقلم
الكاتب المهندس الشاعر
ياسين الرزوق زيوس
سورية حماة
الأربعاء 2025/04/30
الساعة 10.30 صباحاً