في عالم السياسة، هناك خطوط لا يجب تجاوزها، وحدود للصبر لا يمكن إختبارها دون عواقب. لكن يبدو أن البعض لم يُدركوا بعد هذه القاعدة، فراحوا يتحدثون بجهل وإستعلاء، وكأنهم يتناسون أن الأسود قد تصمت لكنها لا تنسى، وقد تبدو هادئة لكنها ليست ضعيفة.
التاريخ يعيد نفسه"
لطالما شهدت العلاقات الدولية محاولات من بعض القادة للعب أدوار أكبر من حجمهم، عبر تصريحات مستفزة أو تهديدات مُبطنة. لكن مصر ليست الدولة التي يُمكن إستفزازها بسهولة، فقد واجهت عبر التاريخ مواقف أكثر تعقيداً من مجرد تصريحات جوفاء، وتجاوزت أزمات خطيرة بحكمة قيادتها وقوة شعبها.
عندما يتحدث "الحمار"، يعتقد أن مجرد رفع صوته سيجعل الأسود تهابه، لكنه يجهل أن الأسود ليست بحاجة إلى إثبات قوتها عبر الضجيج، بل عبر الأفعال على أرض الواقع. والتاريخ شاهد على من كان يُطلق التصريحات النارية لينتهي به المطاف معزولاً أو منبوذاً، بينما ظلت الدول ذات الثقل الحقيقي ثابتة كالجبل، لا تهزها العواصف العابرة.
الصبر ليس ضعفاً"
مصر ليست في حاجة إلى الرد على كل ناعق، فالتاريخ كفيل بأن يضع الأمور في نصابها. الصبر في السياسة ليس علامة ضعف، بل إستراتيجية يتقنها الكبار الذين يدركون متى يكون الصمت أكثر وقعاً من الكلام. التصريحات الإستفزازية، وإن بدت مؤثرة لحظياً، تظل مجرد فقْاعات في بحر السياسة العميق.
إن الحديث عن مصر بهذه الطريقة ليس جديداً، لكنه في كل مرة يُثبت جهل مُطلقيه بحقيقة الدولة التي تتجاوز أزماتها بثبات، وتبني قوتها على أُسُس راسخة. الأسد قد ينام، لكنه لا يُختبر، لأن من يجرؤ على ذلك سوف يدرك لاحقًا أنه إرتكب خطئاً فادحاً.
ختاماً" السياسة ليست حلبة مصارعة، بل ساحة ذكاء ودهاء. ومن يعتقد أن بإمكانه إستفزاز الأسود النائمة، سيتعلم بالطريقة الصعبة أن الهيمنة لا تُكتسب بالصوت العالي، بل بالحكمة والقوة الحقيقية. ومهما علا نهيق الحمير، فلن يغير ذلك من حقيقة أن الأسود، حين تقرر الرد، تفعل ذلك بأسلوب لا يترك مجالًا للندم، بل فقط للدرس المستفاد.