منذ عقود، لم تتوقف محاولات تهجير الفلسطينيين قسرًا من أرضهم، سواء من خلال الحروب، الحصار، أو الضغوط السياسية. واليوم، تعود فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء لتطفو على السطح من جديد، ضمن مخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي.
جذور الفكرة ومحاولات قديمة ،
فكرة توطين الفلسطينيين خارج وطنهم ليست جديدة، بل تعود إلى ما قبل نكبة 1948، حيث طُرحت عدة مشاريع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن مختلفة، مثل العراق، الأردن، وحتى سيناء. بعد حرب 1967، حاولت إسرائيل تنفيذ مخططات لترحيل سكان غزة إلى سيناء، لكن الرفض المصري الحاسم أوقف هذه المخططات.
في السنوات الأخيرة، ومع استمرار الاحتلال في خنق غزة اقتصاديًا وإنسانيًا، وشن الحروب المتكررة، أصبح الفلسطينيون يواجهون ضغوطًا غير مباشرة للهجرة. لكن تهجيرهم إلى سيناء يعني نزع هويتهم الوطنية وتحويلهم إلى مشكلة إنسانية بدلًا من كونهم شعبًا له حقوقه في وطنه.
لماذا تُطرح الفكرة الآن؟
مع تصاعد العدوان على غزة وتزايد الأوضاع الكارثية فيها، يحاول الاحتلال الإسرائيلي وبعض القوى الداعمة له الترويج لفكرة "الممرات الإنسانية" التي تؤدي في النهاية إلى تهجير الفلسطينيين نحو سيناء، وكأن الحل يكمن في إخراج الضحية من أرضه بدلًا من إنهاء الاحتلال. هذه المحاولات تُقابل برفض شعبي ورسمي قوي في مصر، التي أكدت أكثر من مرة أن أرضها ليست بديلًا عن فلسطين، وأن أي محاولة لفرض هذا السيناريو لن تُقبل بأي شكل.
حيث ان الأبعاد القانونية لسياسيةالتهجير القسري للسكان
المدنيين يُعد جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي، وتحديدًا اتفاقيات جنيف. كما أن أي محاولة لفرض هذا السيناريو تعني القضاء على حق العودة، وهو أحد الأسس الرئيسية للقضية الفلسطينية. من ناحية أخرى، فإن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يخدم الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر، حيث يحقق له عدة أهداف خطيرة، منها:
تفريغ غزة من سكانها، مما يسهل السيطرة عليها بالكامل.
إنهاء حق العودة، وتحويل الفلسطينيين إلى لاجئين دائمين في أماكن أخرى.
التخلص من "المشكلة الديموغرافية" التي تواجه إسرائيل في حال ضم أراضي فلسطينية إضافية.
الأثر الإنساني والاجتماعي ،
لا يمكن تجاهل التداعيات الإنسانية لهذا السيناريو الكارثي، سواء على الفلسطينيين أنفسهم أو على سكان سيناء. تهجير الفلسطينيين يعني اقتلاعهم من جذورهم وتحويلهم إلى لاجئين في بلد آخر، دون أي ضمان لمستقبلهم أو حقوقهم. كما أن سكان سيناء، الذين عانوا من عمليات التهجير والتهميش في فترات سابقة، لن يقبلوا بأن تصبح منطقتهم مكانًا لحل مشكلة الاحتلال الإسرائيلي على حسابهم .
ان فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ليست مجرد "مقترح إنساني"، بل هي مؤامرة تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية بشكل تدريجي. الحل العادل لا يكون بإفراغ فلسطين من سكانها، بل بإنهاء الاحتلال وضمان حقوق الفلسطينيين في أرضهم. مصر، بشعبها وحكومتها، ترفض هذا المخطط، وكذلك الفلسطينيون الذين يتمسكون بحقهم في البقاء والصمود. يجب أن يبقى هذا الموقف ثابتًا، وأن ندرك أن التهجير القسري هو جريمة لا يمكن القبول بها تحت أي ظرف.
رسالة للعالم:
فلسطين ليست قضية إنسانية فقط، بل هي قضية حق وعدالة. لا يمكن للعالم أن يتواطأ مع الاحتلال عبر الترويج لحلول زائفة، فالحل الحقيقي يبدأ بإزالة الاحتلال، وليس بإزالة أصحاب الأرض من وطنهم.