للمرء أن يغبط ، إذا مازادت صداقاته ! وللمعلّم أن يسرّ إذا أحبه طلبته فكيف إذا ما صادقوه ! وبكل تواضع ، يمكنني القول أني كسبت الوزنتين ، ودعوني أزيد : صداقات الفكر والقيم على نحو ما أسعد يوما بعد يوم ، بالجديد منها ومن غير بلد ..
قبل 50 عاما ويزيد ،كنت حديث العهد في التعليم ، حين ندبت موجها إداريا في إعدادية المنصور بدمشق ، ما قلّص الفارق الزمني بيني وبين الطلبة ، وسهّل علي التعامل معهم وتوظيف حيويتهم بل ، واحتواء فائض نشاطهم .
كان فرج عيسى ، وأخواه هاني ورياض ، من بين كثيرين، بارزا في اجتهاده المدرسي و نشاطه الحيوي ، على رقيّ تعامل وأخلاق ، فرقتنا سبل الحياة والعمل ، مع صدف تلاق متباعد كما مع عديدين ، بعضهم تسلم مناصب وقدّر جهدا ، وآخرون واصلوا المودّة وأكثر…
حين اغتربت وجدتني وعفو الخاطر ، أجد هاتفا وصلني به ، فما انقطع التواصل حدثني بما يسرّ عمّا بادربه ونشط فيه ، فوددت نثر وروده أمام القراء وهي تفوح بأريج تجذر وانتماء ، عبر حوار توافقنا عليه ، قبل نحو عام ، لكن دخوله المشفى ومعاناته مع المرض ، جعلنا نؤجل من حين لآخر ، ولما لمست رغبته بالبوح رحت أكرّرهزّ وروده ، آخر وعد قطعه كان قبل اسبوعين ، وبين ما أنا انتظر الإجابات ، حمل الفيسبوك نبأ الوفاة ، جاء وقعه موجعا ، ما كنت أحسب أني سأرثيه وأنا على عتبة الربع الأخير من العمر ، وهو الشاب المملوء حيوية وتفاؤلا ، ابتسامته لم تكن تفارقه ، وهو على سرير المرض، يستقبل زوّاره بمودة ، ويتذكر آخرين بفخر ، عبر ما كان ينشره على صفحاته، وسرعان ماكانت تنهال عليها ورود محبة وصلوات ، ولكنها اليوم معطرة بدموع الأسى ،على شبابه ورحيله قبل الأوان .لكن القدر لم يمهله ، فعاجلته المنيّة ،كنت اتمنى أن اقف على تأسيسه النادي السوري في كاليفورنيا ، غاياته ونشاطاته
ماذا تحقق منها ؟ وكيف كان صداها على جناحي الوطن والمغترب ، وكيف نسج وشائج لتمتين الروابط بين أبناء الجالية مع الوطن .
ومن خلال علاقاته وتعاونه مع أسرة ،،شبكة تحت المجهر الاعلامية ،، عبر زاوية تعريفية بأمور الهجرة وقوانينها بما يخفّف عن ابناء الجاليات ، عبء الجهد والوقت أو التكاليف ، جاءت مواساتها موجزة بغنى الدلالات : " فقدنا شخصية غالية ، وصديقا كبيرا ، كان خدوما ومعروفا كصلة وصل بين الناس ،وله صداقاته مع الفنانين السوريين ، ومنهم الفنان الكبير ،،دريد لحام،،الذي التقاه في دمشق وحمل منه رسالة ود لأبناء الجالية السورية في كاليفورنيا"
صديقي فرج أغمضت عينيك على حب ياسمين الشام ، لروحك السلام ، وحسبك سيرة عطرة ، وودّ الأنام ولاسرتك وإخوتك صادق العزاء