تمثل الإنتخابات الرئاسية حدثاً مفصلياً يلقي بظلاله على العالم بأكمله. السياسة الدولية بعد دخول رئيس جديد الى البيت الأبيض لن تكون نفسها قبله. هنا حوار مع المحلل السياسي الخبير بالشأن الأميركي سامر كبارة حول التأثيرات المرتقبة للحدث الأميركي على المستجدات العالمية واللبنانية خاصة.
1_هل بوسع الولايات المتحدة أن تكون وسيطا نزيها او محايدا في صراع تمثل اسرائيل أحد أطرافه؟
- ما يهم الولايات المتحدة اولاً وأخيرا مصالحها في المنطقة من خلال إسرائيل التي تعتبر الولاية الأميركية ٥١ في المنطقة. والتي يشكل أمنها وسلامة موارد المياه والنفط والغاز الخاصة بها أولوية أميركية مطلقة. التغيير المرتقب بفعل الحرب التي يشهدها لبنان حالياً هو تغيير أمن الجنوب وانتزاع هذه الورقة لتكون بيد الدولة اللبنانية و تؤمن ستاتيكو جديد على الأرض بين لبنان واسرائيل يحفظ من خلاله استقرار جبهة الجنوب من دون تأثير إيراني مباشر ، وبالمقابل يستفيد لبنان من موارده ومن انشاء صندوق لإعادة الإعمار. هذا هو التوجه .اكيد الولايات المتحدة أولويتها إسرائيل مع الحفاظ على كيان الدولة في لبنان.
2_ ما هي درجة التقاطع بين الرغبتين والمصلحتين الأميركية والإسرائيلية في تغيير وجه الشرق ووجه لبنان ضمناً؟
- التقاطع في المصالح مشروع مشترك من الترويج للأخوة الإبراهيمية التي أرسيت في ابوظبي الى ممرات الغاز و الانفتاح الاقتصادي على الدول العربية الغنية. إسرائيل تريد ان تكون هي الراعية الاولى للاستثمارات في الشرق الاوسط الجديد من خلال الخليج العربي و هذا المشروع بدأ مع الرئيس الأسبق دونالد ترامب، ومن هنا تلعب الانتخابات دورا كبيرا في تسريعه او ابطائه. المرشحان كامالا هاريس ودونالد ترامب متفقان على الخطوط العريضة للسياسة الدولية. لكنهما متباينان في كيفية التنفيذ وفي اداوت التعامل. ادارة هاريس تعتمد soft diplomacy الدبلوماسية الناعمة. في حين يتسم آداء ترامب بشيء من الفجاجة والقسوة.
3_ هل يمكن الحديث عن مساهمة أميركية في مساندة اسرائيل بأعمالها العسكرية الدائرة في المنطقة؟ ما مستوى تلك المساهمة في حال وجودها؟
- حتماً تساهم الولايات المتحدة بشكل فعال، واحيانا مباشر، في حماية اسرائيل، و هي جاهزة لردع اي خطر يهددها. وهذا خيار استراتيجي بالنسبة لها .
4_هل تعتقد أن نتائج الانتخابات الأميركية يمكن أن تؤثر على رؤية واشنطن تجاه الصراعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان؟
-نعم تؤثر بطريقة التعامل مع الدول الاقليمية المؤثرة في المنطقة وخاصة ايران. ترامب يريد اتفاقا سريعا وحاسما وواضحا و يهدد باعتماد خطوات عنيفة لتحقيق هدفه. كما في اغتيال قاسم سليماني في الثالث من يناير كانون الثاني عام 2020. أما هاريس فهي من مدرسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، و هي تعتمد الدبلوماسية الناعمة soft diplomacy و تراعي التوازنات في المنطقة. وقد عاشت ايران التجربة حتى اصبحت خبيرة في التعامل مع هذا النوع من الآداء السياسي. المشروع واحد عند الاثنين، و من هنا فإن الحوار السعودي- الايراني مهم في هذه المرحلة.
5_كيف تقيّم الآداء الأميركي حيال الأزمات التي تعرض لها سابقاً. اجتياح 1982 مثلاً؟
- لبنان في ٨٢ غير لبنان اليوم و كذلك الولايات المتحدة. في ٨٢ الوسيط الأميركي فيليب حبيب والمارونية السياسية لعبا دورا رئيسيا مع ادارة الرئيس رونالد ريغان، بما أزعج الاسرائيلي في مكان ما، خاصة ان موارنة لبنان هم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهي تنفذ من خلالهم الى كل الشرق، علينا أن لا ننسى أن الحرب الباردة كانت قائمة، وأن إسرائيل كانت تمثل شراً مطلقاً لمعظم الدول العربية والاسلامية. كما أن الكنيسة في الولايات المتحدة كانت قوية ايضا. اليوم الكنيسة ضعفت في الغرب، والحرب الباردة انتهت. و إسرائيل اصبحت صديقة لمعظم الدول العربية و الاسلامية من حولنا. بالإضافة إلى أن
في ١٩٨٢ كانت بيروت تتمتع بمظلة عربية واسعة وهي كانت مشفى و جامعة ومصرف الشرق و العرب، ومع كل هذا دمرت بيروت ولم تتمكن الولايات المتحدة من وقف العدوان بل كانت داعمة لإسرائيل، اليوم لا توجد مظلة عربية ووضعنا أسوء بكثير
6_هل تتوقع تداعيات بعيدة المدى لحرب لبنان على العلاقات اللبنانية-الأميركية؟ ما هي في حال وجودها؟
- اذا اخفق زعماء لبنان والمسؤولين بأعادة هيبة الدولة اللبنانية وفرض سيادتها على الجنوب او بتطبيق القرار ١٧٠١ ستكون هناك تداعيات خطيرة على العلاقات بين البلدين. و هنا يبدأ الكلام عن مناطق محررة و فداراليات. او يبقى لبنان مخيماً كبيراً لكل اللاجئين في المنطقة. ويعيش على المساعدات الإنسانية من دون اي دور اقتصادي او سياسي له في المنطقة.
7_ كيف ساهمت وسائل الإعلام الأميركية في تشكيل الرأي العام حول الحرب اللبنانية؟
- اكيد سلبيا ولكن اليوم بوجود وسائل التواصل الاجتماعي اصبح الإعلام المرئي ضعيفاً. و هناك تشتت في ألأفكار و الرؤية حول ما يحدث في لبنان وهذا موجود في الإعلام في لبنان ايضا على المستوى المحلي.
8_ هل يمكن لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية أن تؤثر على انتخابات الرئاسة في لبنان؟
- لا اعتقد إلا في حالة واحدة وهي عدم انتخاب رئيس للجمهورية في المدى القصير. لن يأتي رئيس في لبنان تكون الولايات المتحدة غير راضية عنه. و هناك ايضا الحوار السعودي -الايراني برعاية فرنسية وقطرية مهم في انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية. الكتل النيابية الكبيرة معظمها مرتبط بالخارج. ولن تتكون اكثرية نيابية لانتخاب رئيس ورئيس حكومة الا بالتوافق الخارجي الذي سينعكس بالداخل.
9_هل ترى أن هناك علاقة بين الأحداث السابقة في لبنان وبين القرارات السياسية التي تتخذها الولايات المتحدة اليوم؟
- نعم. منذ اندلاع الثورة التي اثبتت الايام انها كانت برعاية أميركية وبتمويل أمريكي، وعدم دفع اليورو البوند من قبل حكومة الرئيس السابق حسان دياب ايضا كانت برضا أمريكي للضغط بوقتها من أجل ترسيم الحدود مع إسرائيل، وهناك علامات استفهام كثيرة حول انفجار مرفأ بيروت كوسيلة لضرب دور لبنان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وهو أمر كان مبرمجا برأيي.
10_كيف يمكن للبنان أن يستفيد من الانتخابات الأميركية الحالية، خاصة في ما يتعلق بإعادة بناء البلد بعد النزاعات؟
- هناك مسؤولية علينا جميعا ان نقف خلف بناء هيبة الدولة واسترجاع قرار الحرب والسلم، وأن نضع مصلحة لبنان كاولوية قصوى عابرة للطوائف والمصالح الضيقة في هذا الظرف الدقيق كي نحاور الإدارة الجديدة وان يكون لها ثقة بالدولة اللبنانية لهذا يجب انتخاب رئيس جمهورية يحاور الجميع ويكون منفتحاً على الجميع ، كي نستفيد من الأدارة الاميركيةالقادمة، ونحافظ على الكيان اللبناني، ليتمكن من لعب دور اقتصادي وثقافي وسياسي ضمن الصفقة التي ستنهي الحرب في المنطقة.