في عالم يتشابك فيه الإقتصاد والسياسة والقوى العسكرية، كثيراً ما نجد أنفسنا أمام أحداث تاريخية كبرى تترك بصماتها على وجه الأرض لعقود قادمة. وبين أحداث 11 سبتمبر 2001 وأحداث 7 أكتوبر 2023، يبدو أن العالم يسير على خيوط مشدودة تحركها أجندات خفية تصب في مصالح بعض الأطراف الكبرى، وتعيد رسم الخرائط السياسية والإقتصادية بما يخدم مصالح معينة. فقد كانت هجمات 11 سبتمبر نقطة تحول في العلاقات الدولية وأطلقت حرباً عالمية ضد "الإرهاب"، ولكن مع تبعات مدمرة للعالم أجمع. وبعد أكثر من عشرين عاماً، جاءت أحداث 7 أكتوبر في الشرق الأوسط لتُعيد إلى الأذهان سيناريوهات مماثلة، حاملةً بذور حرب إقليمية قد تتطور إلى صراع عالمي شامل.
تحليل أحداث 11 سبتمبر 2001 وتبعاتها"
في صباح 11 سبتمبر 2001، إستيقظ العالم على واحدة من أكثر الهجمات الإرهابية دموية في التاريخ الحديث. تفجيرات مركز التجارة العالمي والبنتاغون، صدمت العالم وأشعلت نيران حروب طويلة الأمد. تبنت الولايات المتحدة وحلفاؤها شعار "الحرب على الإرهاب"، وهو مصطلح تحول إلى أداة سياسية لتمرير تدخلات عسكرية وإقتصادية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بدءاً من غزو أفغانستان ثم العراق.
لم تكن النتائج العسكرية لهذه الحروب وحدها هي الكارثية، بل تبعتها تداعيات إقتصادية وسياسية أثرت بشكل كبير على إستقرار المنطقة والعالم. أدى سقوط الأنظمة وظهور الجماعات الإرهابية مثل "داعش" إلى تدهور الأوضاع في دول مثل العراق وسوريا وليبيا، مما عمق الفوضى في الشرق الأوسط وزاد من تدفق اللاجئين والهجرات الجماعية نحو أوروبا.
من منظور الخبراء، كان هناك دائماً تساؤلات حول كيفية إستخدام أحداث 11 سبتمبر كذريعة لتمرير أجندات جيوسياسية خفية.
الكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي أشار إلى أن هذه الهجمات أعطت الولايات المتحدة ذريعة لبسط هيمنتها على الموارد الحيوية في الشرق الأوسط. كما أكد العديد من الخبراء أن الحروب التي تلتها لم تحقق الأهداف المعلنة، بل خلقت فراغات سياسية إستغلتها القوى الكبرى لإعادة تشكيل الخريطة السياسية في المنطقة بما يخدم مصالحها.
أحداث 7 أكتوبر 2023: شرق أوسط على حافة الهاوية"
بعد أكثر من عقدين على أحداث 11 سبتمبر، جاء يوم 7 أكتوبر 2023 ليضع الشرق الأوسط مجدداً في دائرة الضوء. في ذلك اليوم، إندلع هجوم واسع النطاق في قلب المنطقة، مستهدفاً منشآت حيوية ومدن كبرى، مما أسفر عن ردود فعل عسكرية ودبلوماسية سريعة من قِبل القوى الإقليمية والدولية.
تمثلت خطورة هذا الحدث في توقيته، حيث كانت المنطقة بالفعل تشهد توترات متصاعدة، سواء بسبب الأزمات السياسية في فلسطين واليمن، أو بسبب التوترات بين إيران وإسرائيل. جاءت هذه الأحداث لتصب الزيت على النار، ولتشعل صراعاً إقليمياً يمكن أن يمتد إلى حرب عالمية، حيث بدأت القوى الكبرى تأخذ مواقف متباينة إزاء التصعيد.
من منظور الخبراء، يرى العديد منهم أن أحداث 7 أكتوبر لم تكن مجرد هجمات مفاجئة، بل كانت جزءاً من سيناريو مخطط له مسبقاً من قبل القوى الكبرى لإعادة ترتيب التوازنات في المنطقة. كما أشار الخبراء إلى أن هذه الهجمات قد تؤدي إلى إعادة توزيع النفوذ الدولي في الشرق الأوسط، وقد تكون بداية لتدخلات عسكرية أوسع نطاقاً من القوى العالمية مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين.
تشابه السيناريوهات وأجندات خفية"
هناك عدة نقاط تشابه بين أحداث 11 سبتمبر وأحداث 7 أكتوبر. أولاً، كلا الحدثين تم إستغلالهما بشكل كبير من قبل القوى العظمى لتمرير أجندات سياسية وعسكرية. كما أن كلاهما أدى إلى تصاعد كبير في النزاعات العسكرية وتوسيع نطاق الحروب الإقليمية والدولية. يُضاف إلى ذلك، أن التغطية الإعلامية المكثفة التي رافقت هذه الأحداث ساهمت في تشكيل الرأي العام وتوجيهه نحو قبول التدخلات العسكرية كحل "ضروري" للحفاظ على الأمن والسلام.
من جهة أخرى، يمكن القول إن الهدف من هذه السيناريوهات كان تحقيق أجندات تتعلق بالهيمنة على الموارد الإستراتيجية، سواء كانت النفط والغاز في الشرق الأوسط أو تعزيز نفوذ القوى الكبرى على الساحة الدولية. وكما كانت أحداث 11 سبتمبر ذريعة لإطلاق الحروب في أفغانستان والعراق، فإن أحداث 7 أكتوبر قد تُستخدم كذريعة لتوسيع التدخلات العسكرية في الشرق الأوسط وربما فتح جبهات جديدة.
ختاماً" بينما يعيش العالم تحت وطأة صراعات جديدة، يظهر من خلال تحليل أحداث 11 سبتمبر و7 أكتوبر أن هناك خيوطاً مشتركة تربط بين هذه الأحداث. يتضح أن القوى الكبرى تلعب دوراً محورياً في توجيه العالم نحو صراعات قد لا تكون في مصلحة الشعوب بقدر ما تخدم مصالح سياسية وإقتصادية خاصة. ومع تصاعد حدة التوترات الإقليمية والدولية بعد أحداث 7 أكتوبر، يبدو أن العالم بات أقرب من أي وقت مضى إلى مواجهة شاملة قد تعيد تشكيل النظام الدولي. في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحاً: إلى أين ستقودنا هذه الأجندات الخفية، وهل نحن على أبواب حرب عالمية جديدة؟