كتب/علي العزير.. الروائية سمية الشيباني: لن نسمح بتحول فتيات العراق إلى جوار

علي العزيرـ بيروت

يشهد العراق راهناً حراكاً اجتماعياً صاخباً محوره تعديلات تطال قانون الأحوال الشخصية. وهي تتضمن إجراءات مثيرة للخشية لجهة السماح بتزويج القاصرات في أعمار مبكرة. كما أنها تأتي متزامنة مع إقرار قانون يصادر حق المرأة المشروع في طلب الطلاق عندما يتوافر لديها من الظروف والمسوغات ما يبرر ذلك.
أنتهى البرلمان العراقي مؤخراً من القراءة الأولى لهذه التعديلات، ما يوحي بأن إقراراها بات محسوماً وقريباً. في المقابل تتحرك  شرائح اجتماعية متنوعة لمواجهة الموقف حرصاً على حياة كريمة للنشء العراقي، خاصة للفتيات المهددات بمصائرهن، وبتحولهن إلى سلع رخيصة في سوق النخاسة المشرعة اعتماداً على ما يُفْترض انهما قانون وشرع تعوزهما المشروعية.
هنا حوار مع الروائية والإعلامية العراقية سمية الشيباني التي بادرت إلى التصدي للتعديلات المقترحة. معلنة، مع آخرين وآخريات، أن المرأة العراقية قادرة على امتلاك مسارها ومصيرها مهما بالغ القيمون على الشأن العام في الإدعاء بكونهم أصحاب الكلمة المسموعة والرأي النهائي.
1* ما هي المواد موضوع الإعتراض من قبلكم في تعديلات قانون الأحوال الشخصية؟
ـ نحن نخشى من أن يتحول العراق إلى سوق عبيد وجوار من خلال تشريع قانون يسمح بتزويج القاصرات بعمر الست سنوات فما دون، وأيضا هناك من يبيح تزويج أو الاتفاق على عقد زواج للرضيعة بعمر السنة، ثم  انتظار بلوغها الست سنوات لتعامل من قبل من (يشتريها) كزوجة، وهذا أمر مرفوض بالمطلق، فمن واجبنا الحفاظ على حياة ومستقبل أبنائنا وبناتنا خصوصا أنهم في مرحلة لا تسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم أو إبداء الموافقة أو الرفض. وهناك أيضاً مخاوف من أن يستغل بعض الآباء الجهلة والفقراء هذا القانون فيحولون بناتهم إلى مصدر رزق لهم، فيما هن دون السن التي تسمح لهن الدفاع عن أنفسهن، ناهيك عن أن هذا القانون يسمح بزواج القصر لكلا الجنسين، بمعنى أن يصار إلى عقد قران الولد الصغير على طفلة تماثله في العمر، وينتظرونهم حتى بلوغ السن التي تسمح لهم بالتعامل مع بعضهم البعض كزوجين، ما يعني أن المجتمع سيكون أمام مشكلة زيجات قسرية بكل الأحوال.
2* ما هي الأسس القانونية والشرعية والفقهية التي يستند اليها المشرعون في تعديلاتهم؟ ما هي جوانب فائدتها وما مدى ضرورتها؟ 
ـ هم يدعون أن هناك زيجات مبكرة تتم خارج القانون، وعليه اقترحوا شرعنة الزواج المبكر. وكان لازدياد حالات الطلاق أن دفعتهم لإقرار قانون يمنع المرأة من طلب الطلاق بأي حال من الأحوال، في حين أنه كان يجدر بهم معالجة هذه المشكلات بما يحافظ على حريات الإنسان، وأيضا بما يتناسب وحماية الأطفال عبر منع الزواج المبكر. لكن الواضح أن بعض البرلمانيين يريدون تشريع زيجات غير معترف بها قانونيا مثل زواج المسيار والمتعة وايضاً زواج القاصرات، وهو أمر اتفق عليه السنة والشيعة، كل على حسب شريعته وقانونه. 
3* ما هي المترتبات والنتائج الاجتماعية التي تتوقعونها جراء التعديلات؟ 
 ـ هذه التعديلات ستؤدي إلى جرائم اجتماعية من خلال خلق عدم توازن اجتماعي بسبب الزيجات المؤقتة، وهي ستفضي إلى خلق حالة من الفوضى الإجتماعية والدعارة المقنعة من خلال انتقال المرأة بين رجل وآخر في غضون فترات متقاربة، ما قد ينتج حالات حمل غير معروفة لجهة هوية الأب، وهنا ستكثر حالات الإجهاض القانوني أو غير القانوني، وقد يؤدي كل ذلك لدفع المرأة إلى التخلص من الطفل حال ولادته، ما سيعزز شريحة أبناء الشوارع الذين سيجري استغلالهم في الجريمة والجنس، وربما في الاعتداء بالقتل من قبل تجار الأعضاء البشرية، ناهيك عن استيقاظ الفتاة التي تتزوج بعمر الست سنوات على حال لا تروق لها لتجد نفسها بين خيارات أحلاهما مر: إما خيانة هذا الرجل المسن الذي هو زوجها، أو قتله، أو انتحارها لأنها بكل الأحوال ليس لها الحق بطلب الطلاق. نحن في مواجهة حرب أقسى وأعتى من كل الحروب التي مر بها العراق، وربما العالم، نحن نواجه تفككاً كاملاً لأواصر المجتمع العراقي الذي لم يرمم بعد.
4*هل انتظمت الجهات المعترضة على التعديلات ضمن أطر منسقة؟ وهل يتم التداول بين مكوناتها في تحديد طرق المواجهة والسبل المساعدة على منع اقرار التعديلات المشكو منها؟ 
 ـ نعم هناك حراك متين ومنسق بشكل جيد، والحقيقة ان هناك أصواتاً يعول عليها، ولها تأثير وحضور بدأت ترتفع معترضة. ولكن المشكلة في المنتسبين للتيارات الحزبية الدينية والمنتفعين من هذا الانتساب فمصالحهم ومكتسباتهم تمنعهم من قول كلمة الحق، وهم للأسف كثر. 
5* هل سيقتصر الإعتراض على البعد الداخلي فقط أم من الممكن الإستعانة بهيئات اقليمبة ودولية؟ 
ـ بالطبع لا بد من تدخل هيئات ومؤسسات ومنظمات دولية, وبالفعل فقد وصلت أصواتنا إلى المدى العالمي الواسع، وهناك بعض المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان، وبحقوق الطفولة خاصة، التي بدأت تتواصل مع جهات داخل العراق لمواجهة الموقف. 
6*هل يلحظ الدستور العراقي آليات مشروعة للطعن بالقوانين الصادرة عن مجلس النواب؟
ـ هذه هي  المشكلة: القانون العراقي في هذا الشأن ثابت منذ عام 1957 ومناسب للمجتمع العراقي بكل أطيافه: اليوم نحن في مواجهة انقسام في التكوين المجتمعي العراقي من خلال تشريعات خاصة بكل فئة، أو مفروضة على بعض الأطياف فمثلا الأكراد رافضين لهذا التعديل والمسيحيين سيلجؤون إلى قانون الكنيسة، ولكن هذا لا يلغي القانون العام فكيف يمكن أن يفرض الزواج المبكر أو قانون الإرث او عدم الاحقية في طلب الطلاق على المجتمع المسيحي؟ 
7*هل تراهنون على دور للتوعية الإجتماعية لدفع المواطنين الى عدم الإلتزام بالتعديلات في حال اقرارها؟ 
ـ بكل تأكيد التوعية مهمة جدا، ويمكنها أن تواجه الأمر برمته. لكن التوعية تحتاج إلى وقت وأجيال بينما القانون الذي يكون حادا للحد من الانفلات يكون بمثابة حسم لكل الخلافات.
8*اين تقف مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والهيئات النقابية المحامون والمعلمون والجامعات وسواها حيال التعديلات؟ 
ـ هناك حراك كبير ومؤثر ويعول عليه من جميع المكونات والمؤسسات ووسائل الإعلام، هناك خطوات تمثل معقد رجاء وتفاؤل. نحن لم نفقد الأمل بعد.



إغلاق
تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

كيف تصف تجربتك في التكيف مع الحياة والثقافة الأمريكية؟