في عالم يضج بالصراعات والمآسي، تتردد ألحان حزينة تعزفها قلوب صغيرة، تحلم بحياة أفضل. هذه الألحان ليست سوى صرخات مكتومة لأطفال يجدون أنفسهم محاصرين بين أنقاض بيوتهم، وبين أصوات الإنفجارات وأزيز الطائرات. تلك الموسيقى الحزينة التي يعزفونها ليست من صنع آلات موسيقية، بل هي نغمات الألم والحرمان التي تتردد في أرجاء غزة، والسودان، وغيرها من المناطق التي تعيش في ظل النزاعات والصراعات. عندما تعزف أحلام الأطفال على أوتار القهر، تذبل براءتهم تحت وطأة أجندات الكبار، وتتحول طفولتهم إلى ذكرى أليمة وسط ركام الواقع القاسي.
في غزة، حيث تتحول السماء الزرقاء إلى مشهد من الدخان والنيران، يعيش الأطفال في خوف دائم من القادم. تلك الأحلام البريئة التي كانوا يحلمون بها قبل أن يغمضوا أعينهم ليلاً، تصبح كوابيس عند الإستيقاظ على أصوات القصف والإنفجارات. هؤلاء الأطفال الذين لم يعرفوا سوى الحصار والحرب، يتعلمون في سن مبكرة ما يعنيه الخوف والحرمان. تُمحى أحلامهم في العيش بسلام وتتحول إلى مجرد أمل بعيد المنال. فكلما عزف أحدهم على أوتار الأمل، يأتي صوت القذائف ليقطع ذلك العزف، تاركاً وراءه جرحاً لا يندمل في نفوسهم.
وفي السودان، حيث الحروب الأهلية والنزاعات الداخلية تفتك بالبلاد، تتكرر نفس المأساة. الأطفال هناك يواجهون واقعاً أشد قسوة، حيث يضطرون لتحمل مسؤوليات تفوق أعمارهم. يحملون السلاح بدلاً من الدفاتر والكتب، ويخوضون معارك ليست لهم، بل هي نتيجة لصراعات الكبار وأطماعهم. تُسرق طفولتهم على أيدي من يضعون مصالحهم فوق كل شيء، ويبقى العزف الحزين في قلوبهم شاهداً على تلك الأحلام المجهضة.
وفي مناطق أخرى في العالم، تعاني من نفس الظروف، لا يختلف الأمر كثيراً. الأطفال هناك يصبحون ضحايا لعالم لا يهتم سوى بتحقيق مكاسبه. تتلاشى أحلامهم تحت وطأة النزاعات، ويصبح المستقبل بالنسبة لهم مظلماً وغير مؤكد. كلما إشتدت الأزمات، كلما زادت معاناتهم، وتعمق إحساسهم باليأس.
ختاماً " إن الأطفال في غزة، والسودان، وسائر المناطق التي تعيش تحت وطأة النزاعات والصراعات، يعزفون موسيقى القهر على أوتار أحلامهم المفقودة. هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد أرقام في إحصاءات الصراعات، بل هم قلوب نابضة بالحياة، تستحق أن تحيا بسلام. العالم مدعو الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى التدخل لإنقاذ هؤلاء الصغار من دائرة القهر المستمرة، ومنحهم الفرصة ليعيشوا حياتهم بأمان. إن توفير مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال هو مسؤولية جماعية، ويجب على الجميع العمل معاً لوقف هذه الأجندات المدمرة التي تحطم أحلامهم وتدمر مستقبلهم. ومن العار على المؤسسات الدولية المعنية بحماية الطفل والمرأة أن تقف صامتة، وهي تشاهد معاناة الأطفال تحت القصف جواً، والقنص براً، وتحت جنازير الدبابات دهساً، دون أن تتحرك لإنقاذهم من هذه المآسي، وإخراجهم من تلك اللعبة القذرة " لعبة الكبار"