ما معنى الإنسانية في عمومها ؟
الإنسانية في عمومها هي الصفة المميزة للبشر عن باقي الكائنات الحية الأخرى وبالخصوص إذا كانت مؤطرة بما صار يعرف لدينا اليوم أكثر من قبل بالقيم الكونية أو الإنسانية : الكرامة والحرية والعدل والمساواة هذه التي يمكن أن يلتقي حولها جميع الناس في سلام آمنين بلا ضرر أو ضرار وذلك ‘ذا كانو حقا على هذا المستوى المطلوب من الوعي بالمهمة ومن التطور المرغوب في حياتنا المعاصرة اليوم والمشروط بالتحرر من الأنانية البدائية والتمتع ب حيوية الضمير الإنساني وحيويته في التفاعل مع الآخرين .
إن الروح الإنسانية قديمة قدم الإنسان نفسه إلا أنها لم تكن مستثمرة في حياتنا كما يجب أن يكون الاستثمار سياسيا واجتماعيا وأخلاقيا على الدوام .
الأديان التي ظهرت في هذا العالم سماوية كانت أو أرضية وهمية كانت أو واقعية تلتقي كلها في ما هو من محاسنها في ما يعرف بالروح الإنسانية هذه التي لا تزال الفلسفات المثالية منذ ظهورها وعلى اختلاف أنواعها تنادي بها وتطالب بدخول الجميع في عيش مشترك لا علاقة له لا بالأرض ولا بالسماء وإنما فقط بالروح الإنسانية اليقظة وقد نادى من قبل بهذه الديانة المشتركة كل من امانوال كانط الألماني في قواعده الأخلاقية وسبينوزا الهولندي في جمعه بين الروح والجسد في فلسفته الطبيعة الطابعة والطبيعة المطبوعة وديكارت في حجته على تأكيد الوجود في نفسه ولدى الآخرين ب "" انا أفكر إذن أنا موجود ""وأخيرا وليس آخرا جان بول سارتر في تأكيده على أن الفلسفة الوجودية فلسفة إنسانية وللعلم فإن هذه الديانة الإنسانية هي ما يتفق حوله جميع المؤمنين بالروح الإنسانية التي تجمع بين جميع البشر وتكون سببا في السلم العالمية والعيش المشترك بين جميع الفئات البشرية أينما كانت ومهما اختلفت في ما بينها شكلا ومضمونا .
الديانة الإنسانية هي طريقنا إلى الخير والسعادة ومحبتنا بعضنا لبعض دائما
هذه الديانة هي ديانة قديمة جدا قدم الإنسان نفسه وهي متجذرة في لا وعيه منذ ظهوره على سطح هذا الكوكب ، ويذكر التاريخ أنها قد انتشرت لدى الكثير من الأقوام في الحضارات القديمة .
هي ديانة " الحب" المطلوب أن يسود بين جميع الفئات البشرية في العالم كله ماضيا أو حاضرا وبالأحرى في زماننا القادم لكن ما هذا الحب الذي نحن في حاجة إليه دائما ولا يتحقق لنا غالبا إلا بكثير من الجهد والتعب والسعي المضني عادة ؟
الحب في رأيي هو النتيجة المباشرة للرغبة الجنسية لدى البشر قاطبة وإذا قال سيقموند فرويد صاحب مدرسة التحليل النفسي قولته الشهيرة :إن سلوك الإنسان كله تعبير جنسي فأنا أرى للتبسيط أكثر أن سلوك الإنسان هو بحث ضمني عن " الحب المفقود " في أغلب الأحيان والذي يشعر نحوه بنقص كبير لابد عليه أن يعوض عنه بأية طريقة ممكنة ولو أدى به ذلك إلى استعمال العنف بمختلف أشكاله ولو يصل به الأمر إلى شن الحرب ضد غيره من البشر ما داموا لا يعترفون له بحبهم له دائما وبالتالي فالصراعات والصدامات والحروب ما هي في واقع الأمر إلا سعي ضمني وغير مصرح به من بعض الفئات البشرية نحو تحقيق الحب المفقود وما حرب الإسرائليين لجيرانهم منذ مدة إلا تعبير عن حقد دفين على البشرية قاطبة لأنها – في اعتقادهم – قد ناصبتهم العداء سابقا و منذ عهد بعيد وحرمتهم من الحب المطلوب وتأكد لهم ذلك في الواقع مع ما فعله بهم هتلر الألماني زمن الحرب العالمية الثانية .
إننا في الواقع لو حبينا شخصا بحب حقيقي لمكناه من الشعور بالأمن والرخاء ومحبته هو أيضا للآخرين ومكناه بالتالي من الشعور بالرضا عن نفسه دون حاجة إلى الشعور بالنقص وعدم الحفاظ على توازنه المطلوب .
وبالمثل هذا ما ينطبق على الجماعات وعلى الشعوب .
هناك العديد من الفئات البشرية في العالم الذين لا يزالون يشعرون بالنقص لعدم احترام الآخرين لهم بسبب شيء ما في طبيعتهم أو في عقيدتهم أو في سلوكهم لا يرونه مناسبا لهم أو متناسبا مع أهوائهم وما ظاهرة الإرهاب هذه التي حيرت الناس في العالم وشغلتهم كثيرا في المدة الأخيرة إلا مظهرا لعدوانية هؤلاء ولجوئهم كرد فعل على ما يشعرون به إلى العنف بأية طريقة ممكنة .
أبو أنيس عبد اللطيف بن سالم