كتب/د. محمد كامل الباز: ( ماذا لو اتي سليمان )

الخميس 11/07/2024
حدث فى القرون الماضية وبالتحديد فى القرن التاسع عشر  ذهب أحد التجار الأتراك برسالة لصديق له فى بلاد فرنسا التي كانت تجاور الدولة العثمانية آنذاك   دخل التاجر التركي وكان هناك أصوات صاخبة وبمجرد دخوله كي يعرف سبب تلك الضوضاء انزعج واندهش مما حدث بل وأصيب  بصدمة كبيرة، رجع التاجر التركي مسرعاً للاستانة حيث كان على علاقة ببلاط السلطان سليمان القانوني، استأذن  فى بلاط السلطان بالمقابلة العاجلة،

وافق السلطان للتاجر بالدخول وبمجرد أن حكي له ما حدث أحمر وجه السلطان وأرسل فرقة استكشافيه للتأكد من خبر التاجر !!!
ما الأمر وماذا رأى التاجر فى بلاد الفرنسيس ازعجه وازعج السلطان هكذا ؟!
بعد أيام عادت رُسل السلطان ليؤكدوا الخبر ويصدقوا على رواية التاجر،  بدوره ارسل السلطان سليمان  رسالة مباشرة لملك فرنسا 
( لقد تأكدنا مما لاشك فيه أنه تقام حفلات ماجنة فى بلادكم يتراقص فيها الشباب والفتيات بكل وقاحة وبأشكال تنافى الحياء والأخلاق وأنت تعلم أن بلادك على الحدود مع بلادنا ولذا اخشي على بلادنا أن ينتقل إلىها  مثل تلك الوقاحات ولهذا أرسل لك كي تنهي تلك البذاءات وإلا جئتك بجيشي كي انهيها)  !!

عندما قرأت رسالة القانوني أصبت بصدمة حضارية تجاوزت قرنين من الزمان، عندما شاهدت كيف كان تعامل رجال الماضي تمنيت أن لو عاد الزمن وعدنا معه مئتى سنة لنتعلم من هؤلاء الحكماء 
فى الماضى الذي يسخر منه المتنورون ويتهكم عليه المستشرقون كان يُفرض على حاكم فرنسا تطبيق الأخلاق فى بلده كي لا تكون مصدر لنقل الخبائث لباقى الدول، فى الماضى الذى يتنصل منه الحقوقييون ينزعج سلطان الدولة من انتقال عدوي الفساد والبذاءة لبلاده فيحافظ على الآداب العامة بمنع اقتراب أى ضرر لها ومن ثم يهدد  ملك باريس بالابتعاد عن أى وقاحات مثل تلك الحفلات، فى هذا الماضى الرجعي يندهش عامة الشعب نفسه من رقص الشباب مع الفتيات ويعتبروه مشهد غريب على الأبصار.

ماذا لوجاء سليمان القانوني فجأة اليوم ودخل حفلة للهضبة أو محمد رمضان !!
ماذا لو نزل  ذلك السلطان البطل ووجد نفسه فجأة  فى هايسندا أو مراسي أو العالمين 
كيف كان سيتعامل مع الذكور والإناث هناك !!
تخيلت القانونى وهو يشاهد حفلات الرقص والغناء التى تقام يومياً حول حمامات السباحة فى الساحل الشمالي،
 تخيلته يجلس فى موسم الرياض أو مهرجان الجونة أو العالمين؛ 
جلست كثيرا اتخيل لم أصل إلى نتيجة 
 لم أستطع توقع ردة فعل رجل حكم على فرنسا بالامتناع عن الحفلات التى يتراقص فيها الرجال والنساء خوفاً من انتقال العدوي لبلاده عندما يعلم أن ذكور أُمته الأن يتراقصون ليلا نهار، يشربون الممنوعات على الشواطئ ولا يشغلهم سوي الرحلات والحفلات وعلى بعد الاف الكيلومترات إخوانهم فى المجاعة، لم يأت فى بالي ردة فعل هذا السلطان الغيور على محارم الله عندما يشاهد الرجال تغني والنساء تتمايل وترقص عرايا فى كل مكان وإخوانهم يُقتّلوا ويشّردوا كل يوم فى غزة!!
  مجرد التكهن بردة فعل ذلك السلطان البطل من كل هذا كان مستحيلا،  عجز عقلي عن التوقع أو التنبؤ ولكن ما كنت واثق ومتأكد منه أن الرجل الذي منع بلد مجاور من  الرقص والغناء خوفاً من انتقال هذا لبلده لو عَلم أن أبناء بلده نفسهم هم من يرقصون ويتمايلون، 
 لن يكون الأمر سهلاً ولن يمر مرور الكرام بل سيضرب القانونى بيد من حديد ليقضي علي ذلك العبث ويؤدب هؤلاء اللئام .
د/ محمد كامل الباز



إغلاق


تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

برأيك .. هل تعود الأمور لنصابها بين ترامب وزيلينسكي ؟