كتب علي العزير
من شأن التحالف الإبداعي الذي أعلن عنه مؤخراً بين مصر والسعودية، برعاية "بيغ تايم"، أن يستثير الكثير من عناصر النقاش المتمحور حول مستقبل الإنتاج السينمائي العربي. ثمة نهضة سينمائية من طابع قياسي مرشحة لأن تفرض نفسها في المرحلة الزمنية المقبلة. يفترضها هذا التكامل المتقن بين الإمكانات المادية للمملكة وبين الإحتراف المصري في عالم الفن السابع.
يمكن التأسيس للسردية موضوع البحث بدءاً من إعلان السعودية رؤيتها 2030 وهي برنامج مدروس هادف إلى منح بلاد الحرمين مكانتها المميزة على لائحة الإنجاز الإبداعي العالمي. أطلقها ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان الذي حاز مستحقاً لقب "عراب الرؤية".
سريعاً أدرك المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، التي أسندت إليها مهمة تنفيذ الخطط الكفيلة بتحويل الرؤية إلى واقع، أن نهضة مماثلة تستدعي بالضرورة الإتكاء على تجارب أثبتت نجاحها وتمايزها، من هنا انبثقت فكرة الشراكة بين السعودية الطامحة إلى إعادة هيكلة صروحها الثقافية وفق أسس متجددة، وبين مصر صاحبة الريادة الفنية غير الخاضعة للنقاش، والساعية إلى تكريس ريادتها. البديهي أن تمازجاً مماثلاً يسعه أن يكون مساعداً على تحقيق أهداف القائمين به لجهة الانتقال بالصناعة السينمائية العربية نحو مصاف عالمي، كما لناحية اثراء المشهد المرئي الإقليمي بأعمال فنية يسعها فرض نفسها على الساحة الدولية والدخول في منافسة متكافئة مع مثيلاتها العالمية المتفردة والمتسيدة طيلة عقود.
البديهي أن المبالغ المرصودة لإنجاح التجربة تتخطى المألوف، وهو أمر منطقي باعتبار أن الحديث يدور حول تغيير وجهة الإنتاج السينمائي في الشرق الأوسط. والمفهوم كذلك أن تتعاون جهات رسمية مع مؤسسات تابعة للقطاع الخاص في تحمل الأعباء الهائلة التي يستلزمها فعل نوعي مماثل. كما يغدو مشروعاً، بل وملحاً أيضاً، أن يجري توزيع المهام الجسام بين المرجعيات المؤهلة في كلا البلدين.
تأسيساً على هذا الإستيعاب المتقن لطبيعة الإنجاز ومتطلباته جرى إطلاق خلية عمل تضم نخبة محترفة من العاملين في مجال الصناعة السينمائية لتتولى السير بالمشروع نحو خواتيمه الإيجابية، الخلية المشار إليها يديرها المستشار تركي آل الشيخ، بمساعدة الرئيس التنفيذي لهيئة الترفيه فيصل بافرط، وتضم نجوماً سينمائيين طليعيين من البلدين: كريم عبد العزيز وأحمد حلمي من مصر، ابراهيم حجاج وفهد المتيري من السعودية، المخرج المصري مروان حامد، والمخرج السعودي محمد الملا، الموزع الموسيقي المصري حسام نزيه، رئيس مجلس إدارة شركة الوسائل السعودية، محمد الخريجي، الرئيس التنفيذي لشركة المتحدة المصرية، وهي الشريك الاستراتيجي في المشروع، أحمد بدوي، إضافة إلى مدير محطة "إم بي سي" في مصر وشمالي أفريقيا، المصري الحائز على الجنسية السعودية مؤخراً، محمد عبد المتعال.
ما تم الكشف عنه من مندرجات الخطة حتى الآن يتمثل في تقديم الدعم والمساندة المادية لمجموعة منتخبة من الأفلام المصرية والسعودية الرفيعة المستوى. من مصر تضمنت لائحة الدعم ستة عشر فيلماً:
فيلم "الست" من بطولة النجمة منى زكي واخراج مروان حامد، الجزء الثالث من فيلم "الفيل الأزرق" بطولة النجم كريم عبد العزيز، فيلم "النونو" من بطولة النجم احمد حلمي، وفيلم "البحث عن فضيحة"، بطولة الثنائي هنا الزايد وهشام ماجد، وقد تم انجازه، وفيلم "شمس الزناتي" وهو نسخة ثانية عن فيلم يحمل الإسم نفسه لزعيم الكوميديا عادل إمام، حيث ستسند البطولة الحالية للنجم محمد إمام. الفيلم الكوميدي "سيكو" من بطولة طه الدسوقي وعصام عمر، فيلم "أحمد وأحمد" للثنائي أحمد السقا وأحمد فهمي.الفيلم الرياضي الذي يتوقع له أن يشكل مفاجأة: "ديربي الموت" بطولة يوسف الشريف. فيلم الشايب" بطولة آسر ياسين، فيلم "رومل" بطولة أكرم حسني. وفيلم "استرليني" لمحمد هنيدي. وفيلم "الدراويش" بطولة عمرو يوسف، اخراج وليد الحلفاوي. وفيلم "المشروع" من بطولة كريم عبد العزيز. إضافة إلى ثلاثة أفلام تتولى هيئة الترفيه انتاجها بالكامل وهي: فيلم لم يحدد اسمه بعد من بطولة الثنائي كريم عبد العزيز وأحمد عز، فيلم "الأخوان" من بطولة كريم عبد العزيز وأحمد حلمي، وفيلم "تافه جداً" من بطولة نجم الكوميديا الصاعد شيكو.
أما لائحة الأفلام السعودية المدعومة فتشكلت من ثمانية أفلام:
فيلم "الختة" من بطولة حسن البلام، فيلم "ضي" للنجمة آسيل عمران، فيلم "شبه حياة الزومبي"، وفيلم "سيف البطل" من بطولة محمد المتيري، الجزء الثاني من فيلم "شباب البومب"، فيلم من بطولة ابراهيم حجاج وابراهيم خيرالله، فيلم لصهيب قدس لم يتفق على اسمه بعد. والفيلم الفائز في مسابقة يجرى التحضير لها.
ضمن المشاريع التي ستتلقى الدعم مسلسل لبناني من 15 حلقة تنتجه "شركة الصباح للإنتاج الفني"، ويجري تصويره في السعودية، وسيعلن عنه لاحقاً.
في المخطط المستقبلي الذي تستبطنه النهضة الكثير من الطموحات الواعدة، والأفكار المتجاوزة للمألوف الإبداعي في تاريخ منطقتنا. من الواضح أن ثمة قراراً قد اتخذ بالإرتقاء بالسينما العربية نحو مكانة متقدمة بما يضعها في مرتبة المنافسة مع الطليعة العالمية. إنها رحلة الألف ميل وقد بدأت بخطوة واثقة ومبشرة.