كتبت ياسمين فرج مصطفى إبراهيم/ البلطجة الإليكترونيه: لعبة الدوران في الحلقة المفرغة

الاربعاء 08/05/2024
ياسمين فرج مصطفى إبراهيم ـ القاهرة
نحن بصدد حرب من حروب الجيل الخامس. حرب ليست لها علاقة بالحروب المعتادة. ففي الحروب التقليديه يكون العدو واضحاً، وتكون ساحة المعركة محددة. وكذلك نوع السلاح المستخدم وأسباب الحرب… مثل هذه الحرب تكون معلنة وواضحة الأسباب والاهداف. لكن مع التطور التكنولوجي تغير مفهوم الحرب واصبحت هناك حروب الجيل الخامس بالإضافة الى حروب البر والبحر والأرض والفضاء. وهي أشد وأخطر من الحروب التقليدية، لأنها غير معلنة، وليس لها ساحة معركة. كما أنها مبهمة الأسباب والأهداف كونها حرباً غير مرئية. والأشد خطورة أن الكثير منا لايدرك أن هناك حرباً دائرة من الأساس، وأن بإمكانها أن تهدم دولاً بمؤسساتها وأفرادها.
 حرب تهدد الأمن السيبراني، وتنتهك معلومات شديدة الأهمية، وتدخل في إطار المساومة على تلك المعلومات، وتؤثر على الافراد بطريقة غير مباشرة من خلال "السوشيال ميديا" الهادفة لتغيير المعتقدات والأفكار، ونزع الهوية المتوارثة من خلال تصدير بعض الأفكار الهدامة بأذرع خارجية. يمكننا التحدث هنا عن المستعربين الذين يتقنون اللغة العربية ويجيدون إستخدامها باللهجات المختلفة. وهم يستغلون ما يتقنونه في زرع الفتن بين ابناء الدول العربية، كما بين أتباع الدين الواحد من خلال العمل على واقعة تعدد المذاهب.
البلطجة الإلكترونية هي نوع جديد من البلطجة ولدت وتطورت مع التطور التكنولوجي، أي أنها الابن البار لمنشئها ومطورها، كما هي العدو الشرس لمن يجهل ادواتها، هي تعمل في الظل وليس لها قانون يحكمها… معاييرها الحاكمة تجعلها متوافقة مع الانتهاكات الفكرية والأخلاقية والنفسية، هدفها الأساسي هو توجيه الفكر وتطويعه بما يناسب المنظومة المهيمنة، التي تعمل  على تطبيقه وفقاً لأهداف سياسية واجتماعية واقتصادية، وخلق التبعية، التي اخترعوا لها إسماً جذاباً هو "الترند"! 
ولكي يتعلق الافراد بهذه المنظومة الافتراضية، لابد أن يكون هناك دعم مادي من داخل هذا العالم الوهمي، خلال أوقات معينة او مايسمى ب "اللايف"، وإذا كنت صاحب فكروهدف لابد لك من مخالفة المعايير السائدة في هذا الواقع الواقع الإفتراضي، ما يجعلك تتلقى العقوبات عبر تقليل عدد المشاهدات وذلك بهدف ترسيخ معتقد مفاده أن كل من يمارس العشوائية والابتذال هو من يملك قابلية النجاح، في حين أن ليس هناك من مكان في هذه المنظومة الإفتراضية لمن ينشر الفكر. ما يضعنا أمام دائرة مفرغة  ندور فيها بدون وعي، او ادراك اننا مسيرون لأهداف مبهمة.
هي بلطجة ممنهجة بكل حرفية لتحقيق أهداف عدة أهمها نزع الهوية بكل مافيها من مبادئ وأخلاق وفكر مستقل لتكوين واقع مخالف لمعايير المجتمع الحقيقية، ما يؤدي إلى تشتت الفكر، وإنعدام فرصة وجود تنمية حقيقية، وتغييب الهوية الراسخة. الأمر الذي يقود نحو تلاشي المجتمع بأكمله. والمؤكد أن لوضعية مماثلة تداعيات شديدة الخطورة تطال الأمن القومي للدول. فالبديهي أنه لا وجود لدولة بدون شعب يلتزم بتوجيهاتها. وإن فقدت هوية الشعب فلن تستطيع الدولة ادارة أفراده، ما يعني ببساطة أن هؤلاء الأفراد يسيرون، على غير وعي منهم، نحو الفوضى الشاملة.



إغلاق
تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

اختر الحدث الأبرز عام 2024!