عندما كنت صغيراً كانت شعارات حزب البعث فوق الميكافيللية السياسية ، فجمل الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة كانت تصم آذاننا في كلّ صباح و مساء ما بين المدارس التي احتضنت طفولتنا العربية غير المأهولة بالقوة الكافية لردع من يريدون تمزيقها إلى أشلاء لم يبدؤا تشتيتها في غزّة و لن ينتهوا هناك ما لم يتحقق الردع المطلوب، فهل الردع هو استجداء القاتل المجرم الجلّاد بحكايات ألف ليلة و ليلة ما بين شهرزاد و شهريار أم هو بفرض قواعد اشتباك جديدة على أساس مشاهد الندّ بالندّ و العين بالعين ؟! ، و إلّا لماذا تكديس الجيوش العربية و ميزانياتها و هل هذا التكديس فقط لحماية العروش البائسة من هبّات و ثورات الشعوب المحلية لا من إجرام و تعدّيات الجيوش الأجنبية المحتلة ؟! ، و الأنكى من ذلك أنّ ما يجعل آذاننا أكثر عرضة للثقب المهين هو إصرار رعاة الأحزاب على تبييض جبهاتهم و صفحاتهم السوداء بتكرار الشعارات الغبية الحمقاء دون أدنى قدرة على تنفيذ أيّ حرف منها على صعيد نفوسهم المريضة قبل تنفيذ علامات الترقيم و التعجب و الاستفهام على صعيد حكومات بلدانهم الخرقاء الجوفاء من أدنى معاني السيادة و الاستقلال بل من أدنى معاني تخليص المواطن المنهك من تبعات ضرائب عجزهم المتتالي عن حماية المقدّرات الوطنية و عن إدارتها كما يجب منذ قال الاتحاد السوفييتي : " أنا أسقط نفسي بالبيريسترويكا " إلى أن قال بوتين أنّ هذا السقوط هو أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين ، و لربّما قالها أيضاً حينما اختلى بخورباتشوف في نظرة الوداع الأخيرة !.......
لماذا تبقى قواعد الاشتباك على حساب أمننا القوميّ الوطنيّ الداخليّ كأناسٍ خلقنا في هذه المنطقة و من حقنا أن نرسم معالم ازدهارها كما نشاء بعيدا عن قوى الاحتلال و العدوان و عن خرائط إعادة رسم الحدود كما يشاؤون لا كما نشاء نحن ؟!، و لماذا لم يتوان الحوثي عن ضرب مصالح أميركا و غيرها في حين أنّ حكومات دول وادي عربا و كامب ديفيد و دول السلام الإبراهيمي التي لا تساوي كما يبدو عند طفل ماما أميركا الصهيونيّ دمعة زيف و أكاذيب هولوكوستية على حائط المبكى المزعوم إن لم نقل أنّها لا تساوي عند شعوبها لفظة استخراء و تنديد و تقريع صامتة عسكرياً ، فالشعوب ملّت ميكيافيلية التنازلات القدرية و تسعى إلى ميكيافيلية الانتصارات المدعومة بصواريخ و طائرات و جيوش الردع برّاً و بحراً و جوّاً فما طلب الانتصارات بالتمني و لكن تؤخذ الاتفاقيات غلابا !.......
ليس الموضوع أن تكون دينياً أو لا دينياً ، خرافياً أو لا خرافياً ، مؤمناً أو ملحداً و لكنّ الموضوع أن تكون قادراً على حماية أركان شعبك و دولتك ، و الحكومة أيّة حكومة كانت حينما لن تستطيع حماية الجزء الخاص بها من المعبد لماذا تنتظر و لماذا لا تهدم أيضاً المعبد على رؤوس الجميع؟!، أم أنّ لروسيا و سورية و إيران مع عبّاس بن فرناس في مؤسّسة القيامة السورية الفينيقية الكبرى مبادرات أخرى بائسة ترضى أن تبنى هياكل الصهيونية الهولوكوستية الشوفينية بجماجم الجوعى و المكلومين و الثكالى بل حتّى بأشلاء طفل رضيع فقد آماله بمكوّنات العروبة ، و لم يبق له إلا آخر قلاع هذه "العروبة المعرّبة المدمجة" المنكوبة في موسكو و دمشق و طهران بعد أن صار برج خليفة صهيونياً يتوسّط لعروبة الضعفاء في ميكيافيلية الخضوع المريع ؟!.......
بقلم
الكاتب المهندس الشاعر
ياسين الرزوق زيوس
روسيا سانت بطرس بورغ
السبت 10\2\2024
الساعة 12.00 ظهراً