هل الغرب يريد ديمقراطية حقيقيه في القاره الأفريقية تعبر عن مصالح الشعوب الأفريقية تعبيرا حقيقيا بشكل يدفع هذه الشعوب الي رفض التبعيه والهيمنه الغربيه في كافة مجالاتها؟ أم يريد مسخا مشوها يعتريه الفساد تحقيقا لمصالح الغرب في استمرار نهب ثروات الشعوب الأفريقية؟
في البدايه أود أن أؤكد على اننا نتعامل مع الديمقراطية كظاهرة نشأت في سياق تاريخي غربي اعتمد بالأساس على التطور الاقتصادي والاجتماعي في المجتمعات الغربيه. لقد تواكب بروز الظاهرة الديمقراطية مع ظواهر ثلاث هي : الثوره الصناعيه، وقيام الدوله القوميه في أوروبا، وانطلاق العمليه الاستعماريه من عقالها، ولم يكن بالإمكان للظاهره الديمقراطية ولا للثوره الصناعيه الاستقرار ولا الاستمرار بدون العمليه الاستعماريه، ذلك أن الثوره الصناعية كانت في حاجه لنهب موارد الدول الأفريقية، ثم انه لكي تستقر النظم السياسية في أوروبا، والتي اعتمدت الديمقراطية اسلوبا للحكم، فكان لابد أن تزيد من قدرتها الاستخراجيه" Extractive " من خلال نهب ثروات الشعوب الأفريقية حتى تتزايد قدرتها التوزيعيه " Distributive"، المتمثله في تحقيق ولو الحد الأدنى من مطالب مختلف الجماعات في المجتمعات الاوروبيه، وبدون ذلك ما استقرت الظاهره الديمقرلطيه ولا استمرت، بمعنى ان الظاهره الديمقراطية في اوروبا لم تكن لتنمو وتستمر الا على حساب نهب ثروات الشعوب الأفريقية
ودليلنا على ذلك أن ألمانيا وإيطاليا اللتان تحققت الوحده القوميه لكل منهما في أواخر القرن التاسع عشر، وبالتالي دخلتا العمليه الاستعماريه متأخرين عن الدول الاستعماريه الأخرى '' فرنسا، وبريطانيا فكانت مستعمرات كل منهما مستعمرات محدوده وفقيره بحيث لم تكن هذه المستعمرات ذات بال، من خيث تراكم الثروات فهاتان الدولتان فيهما التجربه الديمقراطية، حيث نشأت النازية في ألمانيا والفاشيه في إيطاليا، بل إن دولا استعماريه قديمه كاسبانيا والبرتغال، ونتيجه لفقر مستعمراتهما ظلتا تحكمان باساليب ديكتاتوريه أو استبداديه حتي سبعينيات القرن الماضي، اذا ما اضفنا الي ذلك انه لم يكن بالإمكان الحفاظ على أوروبا الغربيه واعادة بنائها الديمقراطي عقب الحرب العالمية الثانية إلا بمشروع مارشال، الذي ضخ مليارات الدولارات لجعل النظم في أوروبا الغربية قادره على تحقيق مطالب الحد الأدنى من مختلف الجماعات في الدول الأوروبيه وبدون ذلك لما استمرت التجربه الديمقراطية في أوروبا الغربية.