الطريق للمستقبل
الجامعات هى منارات التطوير وهى امل المستقبل ولن يحدث اى تحولات كبرى لمجتمعنا الا من خلال الجامعات عن طريق البحث العلمى
الحقيقة ان لى تجربة مريرة مع البحث العلمى منذ اكثر من اثنى عشر عاما عندما تقدمت لنيل درجة الدكتوراه فى القانون ومكثت مدة طويلة مع الدكتور
المشرف على الرسالة واخترت عنوان الرسالة وخطة البحث وتنقلت بين المكتبات الجامعية والخاصة حتى استطيع جمع المعلومات التى تمكننى من انهاء الرسالة وبالفعل استطعت ان اقطع شوطا كبيرا فى اعداد الرسالة وعندما كنت اطلب من الدكتور
المشرف على الرسالة تسجيل خطة البحث كان يماطل معى وفى يوم فوجئت ان الدكتور المشرف على الرسالة مسافر لاحدى دول الخليج للعمل مستشارا قانونيا هناك وطلب منى التوجه لدكتور اخر يشرف لى على الرسالة وعندما علم الدكتور المشرف الجديد على الرسالة اننى لم اقوم بتسجيل خطة البحث طلب منى التأكد من عدم قيام زميل اخر بالكتابة فى هذا الموضوع وكانت المفاجأة ان الدكتور اعطى موضوع الرسالة لزميل اخر فبدأت من جديد فى أختيار موضوع اخر وتابعت مع الدكتور المشرف على الرسالة ومكثت فترة طويلة اتردد علية وقمت ببذل جهد كبير فى موضوع البحث الا اننى شعرت ان الدكتور يتهرب منى وبعد فترة طويلة اعتذر لى عن قيامه بالاشراف على الرسالة بسبب انشغاله ، فرأيت كيف تفتح الابواب لزملاء لى بسبب وضعهم وتوصد فى وجهى حينها ايقنت ان هناك مشكلة وان البحث العلمى عندنا لا يهتم بالمادة العلمية او ماذا ستقدم للمجتمع المهم المجاملات والاستفادة الشخصية، حتى ابتعدت جامعاتنا عن الموضوعية والمنهج العلمى وتحولت الى عبيء ثقيل على الدولة بدلا من ان تشارك فى البناء والتشييد والانطلاق بالمجتمع الى المستقبل
ورأينا بعض المختصين بالجامعة بدلا من الانشغال بالبحث العلمى وجودة المخرجات راح ينشغل بقضية تجديد الخطاب الدينى اوقضية التنوير وغيرها حتى اصبحت جامعاتنا خارج التصنيف العالمى والا فأين المخرؤجات البحثية طلابا وبحوثا ومشاريع ؟ اعلم ان لدينا بعض الجامعات تريد اللحاق بركب الجامعات العالمية لكن هذا لايكفى
، لقد بذلت الدولة المصرية جهود كبيرة من خلال انشاء اربعة جامعات جديدة حكومية بالاضافة الى الجامعات التكنولوجيه وتشجيعها للجامعات الخاصة حتى تقوم بدورها المنوط بها لدفع عجلة الانتاج
وتقديم مخرجات ترقى بالمجتمع وخصوصا ان الدولة المصرية تسعى جاهدة من اجل زيادة مواردها وخصوصا من العملة الصعبة وجامعاتنا لا بد ان يكون لها دور محورى فى تخطى الازمة الاقتصادية الحالية
ومواجهة التحديات الكبرى التى تواجه مجتمعنا ، فالجامعات اليوم لم يعد دورها ينحصر فى التعليم واعداد المهنيين من اطباء ومهندسين وصيادلة بل اتسع مجالها واهدافها فاصبحت اهدافها تجارية وربحية لان اللغة السائدة فى العالم اليوم هى اقتصاد السوق والتنافسية التجاربة،
فالجامعات فى اوربا وامريكا تسهم فى رفع الدخل القومى لبلادها وادخال مليارات الدولارات عن طريق الطلاب الوافدين للدراسة فيها ولذلك قامت بعض الدول بأتاحة فرص الدراسة بجامعاتها من خلال فتح الحدود وتخفيف القيود المفروضة على التأشيرات
وذلك من اجل زيادة عدد الخريجين وقامت كل من الدنمارك وهولندا بتغيير قوانيين الهجرة الخاصة بهما لصالح خريجى افضل الجامعات العالمية هذا فضلا انه فى حالة ان يرتفع تصنيف جامعاتنا عالميا سيجعل هذه الجامعات هدفا من اهداف مؤسسات الاقتصاد العالمية لعقد شراكات
واتفاقات اقتصادية ذات عائد اقتصادى على الجامعة وعلى الشركة المبرمة للاتفاق ، ايضا الجامعات الكبرى اليوم اصبحت فى الفترة الاخيرة مصدر التسويق الاول لمؤسسات القطاع الخاص وان اى مؤسسة اقتصادية خاصة تريد نشر وتسويق منتجاتها تقوم بتوقيع اتفاقية اقتصادية مع الجامعات الحديثة فأين جامعاتنا ؟
ان من اسباب تراجع دور جامعاتنا هو ضعف انشطة البحث العلمى وانفصال الجامعات عن مؤسسات االمجتمع الانتاجية ، وان النهوض بالمجتمع ومؤسساته لن يكون الا من خلال الجامعات وتطوير دورها فالثورة المعلوماتية والاتصالات خلقت بيئة تنافسية بين الجامعات فى العالم للوصول الى افضل اداء يمكن ان تقدمه هذه الجامعات انطلاقا من وظائفها الثلاث التدريس والبحث العلمى وخدمة المجتمع فأذا كان لدينا كوادر فى جامعاتنا فلابد من استغلالها والدفع بها الى تحقيق اهداف الدولة المصرية حتى تكون جامعاتنا حاضنة حضارية ومركز اساسى لتطوير مجتمعاتنا وحتى نجد لانفسنا موضع قدم فى المستقبل
بقلم أ / على محمد جمال