لكل ثري على وجه هذه الأرض قصة نجاح يصعب تصديقها كانت سبباً في بداية طريق الثراء ,ولربما كانت الدرجة الأولى التي وطأها في سلم النجاح..
ولكن أن يكون الذئب أحد الأشياء التي تسببت في نجاح أحد أكبر رجال الأعمال في الوطن العربي.. هذا ما يصعب تصديقه أبداً.. ولكنها حقيقة..
كيف بدأت القصة؟
كان بطل قصتنا يرعى أغناماً لأبيه في أحد القرى الفقيرة ليتفاجئ بذئب يجهز على أحد أغنامه ويفترسها .. فما كان منه إلا أن قرر الرحيل خوفاً من غضب أبيه..
وهنا كانت بداية المشوار الذي حوله من راعي غنم بسيط إلى رجل أعمال وسياسي مشهور ومؤسس مجموعة “يينا” الاقتصادية والمنتشرة في مجموعة من الدول العربية والإفريقية..
وأيضاً مالك مجموعة فنادق “رياض موغادور” المشهورة بعدم تقديمها للخمور، إضافة إلى سلسلة “أسواق السلام” التي كانت تغلق في أوقات صلاة الجمعة احترامًا لشعائر الناس.
وهكذا أصبح “الشعبي” أثرى رجل في المغرب كما صنفته مجلة “فوربس” بثروة تقدر بـ 2,9 مليار دولار.
يصف “الشعبي” الذي ولد عام 1930 حياته قائلًا: “أشعر أن مراحل حياتي شبيهة بفضاء الغولف، كلها حواجز وشعاب، ولكن الحمد لله بالصبر والعمل استطعت أن أتغلب عليها …
ويضيف ..لقد كانت أسرتي تعيش فقر الصومال، حتى أن أخي مات متأثرا من شدة الجوع، ماتت البهائم ومرضت من الجفاف … كنا نقاسي الجوع والعطش لثمان سنوات متتالية “.
كان لتلك الظروف القاسية التي عاشها “الشعبي” وأسرته، أثر على تكوين شخصية والده، التي اتسمت بالقسوة والشدة..
لدرجة أن “ميلود الشعبي” وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وخوفا من بطش والده، قرر ألا يعود إلى المنزل بعد أن افترس الذئب نعجة من أغنامه.
قرر الشاب النحيل أن يبحث عن حياة أفضل له ولأسرته، بعد أن ترك الأغنام في منطقة “شعبة” نواحي مدينة “الصويرة” المغربية.
انتقل “ميلود” في البداية إلى مدينة مراكش التي لم يمكث فيها طويلا، حيث عمل بائعا للخضر، قبل أن يشد الرحال إلى مدينة القنيطرة، وعمل فيها في البناء بأجر يومي زهيد..
لكن دخول الشعبي للعمل في هذا المجال كان بمثابة البوابة التي من خلالها أسس في أواخر عام 1984 أول مقاولة في أشغال البناء والعقارات، والتي تكونت من عاملين فقط.
ومع إصرار “الشعبي” الذي لم يكن بحاجة إلى شهادة جامعية في مجال المال والأعمال، تطورت المقاولة بشكل سريع.
إذ يقول عن سر نجاح “يينا هولدينغ” التي تشغل اليوم ما يزيد عن عشرون ألف عامل بأنه “نجاح لقوة الإيمان التي يتمتع بها وثقته في ربه”.
سنة 1963 كانت منعرجًا حاسما بالنسبة له، ففي هذه السنة، انتخب رئيساً لغرفة الصناعة والتجارة والخدمات بالقنيطرة، وقد ساعده ذلك في فهم السوق وحاجياتها، مما جعل ثروته تتضاعف، وتفرعت عن شركته مجموعة من الشركات، خاصة في المجال الصناعي (GPC) المختصة في صناعة الكرتون.
وشركة “سنيب” المتخصصة في البيتروكيماويات، وشركة “ديماتيت” و”الكارتة” في بطاريات السيارات.
وسام لمساهمته في الاقتصاد:
في عام 1987 نال “الشعبي” وساما من درجة فارس، لما قدمه للاقتصاد الوطني من خدمات، كما نال وسام ملكي من درجة ضابط ووسام المكافأة الوطنية من درجة قائد. وفي 2004 اختير الشعبي رجل العام من مجلة “ماروك ايبدو”.
وفي سنة 2011 حصل “الشعبي” على المركز 49 ضمن قائمة أغنى 50 رجل عربي.
يقول “الشعبي” الذي فهم جيدًا معنى الأسرة: “ما كنت لأحقق كل هذا لولا دعم زوجتي، فأنا أشتغل بالأعمال، وهي تربي الأطفال … كانت تعطيني القوة والصلابة لمواجهة الأزمات الاقتصادية … إنها امرأة متدينة أستشيرها في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بمشاريعي”.
بعد كل الكروب الاجتماعية والبؤس الذي لازمه في بداية حياته، استطاع الرجل البدوي الفقير، أن يصبح من عشاق “الفيراري” التي يستقلها بعد لعب رياضة الغولف.
وتوفي الرجل الملياردير العصامي “ميلود الشعبي” يوم 16 أبريل/نيسان 2016، بعد مسيرة حياة ناجحة ذكرها بسببها الناس بكل خير.