ترجمة : محمد لطفي جمعة. وأحببتُ أن أشارِككم هذه الاقتباسات ، عسى أن نستفيد منها جميعاً ، أخبروني عن الأجمل بينها :
١ - يقول في تقديم الكتاب : "هيهات أن أنجو من نقد الناقدين ، ولوم اللائمين ، فسوف يقولون : أنَّى لهذا الصعلوك من نقد سياسة الأمراء والملوك ! فأقول لهؤلاء : إن جمال الشمس لايستجليه غير ساكن البسيطة ، ونور الثريا يتمتع به من كان على الثرى ، والمصوِّر الحاذق لا يستطيع أن ينقل صور قمم الجبال ورؤوسها إلا إذا كان في سفوحها".
٢ - أقول على أنني لا ألوم الملوك المتطلعين للاستيلاء على الولايات ، لأن طبيعة التملك والسيادة راكزة في نفس كل أمير ، بل أراني أميل للثناء على كل راغب في مدِّ نفوذه إذا كان يحسن التصرف ، ولكن من يحاول امتلاك البلاد وهو جاهل بطرق السياسة ، ثم يتفانى فيما توحيه إليه شهوة التملك ، فهو جدير بأن يُلام على تهوره لوماً عنيفاً.
٣ - لحكم الممالك طريقين : الأولى أن يحكم المملكة أمير
له أعوان ، هو وليُّ نعمتهم ومالك أعناقهم والمُتصرِّف في
أمورهم ، يأمرهم فيأتمرون ، وينهاهم فينتهون.
والثانية : أن يحكم المملكة أمير يُقاسمه الملك أشراف و نبلاء لا سلطة له عليهم ، ولا يمتاز على واحد منهم و يكون الفضل في امتيازهم على الخدم والأعوان راجعاً إلى مجد أجدادهم.
٤ - إن الأساس المتين في حكم البلاد الحرة بعد فتحها هو تخريبها وتدميرها ، فإن لم يهلكها الفاتح أهلكته.
٥ - إن الذين يرتقون من عامة الشعب إلى درجة الملك و الإمارة بفضل حسن الطالع ، لا يجدون أقل صعوبة في الارتقاء ولكنهم يجدون أعظم المصاعب في الاحتفاظ بما وصلوا إليه.
٦ - القسوة الحكيمة هي التي يستعملها الرجل للحصول على مركز وطيد ، ثم لا يطول أمدها ، بل تُستبدَل سِراعاً بأعمال نافعة للرعية ، أما القسوة الطائشة فهي التي تبتدئ شيئاً فشيئاً وتزيد على مر الأيام دون أن تنقص.
٧ - ينبغي للأمير أن يعيش مع شعبه على وتيرة واحدة ، بحيث لا يضطر لتغيير سلوكه لخير أو شر ، فإن فعل الخير المُرغَم عليه الأمير ما قدّر له ، لأن الخير ما لم يصدر عن طيب خاطر ، لا يستعبد القلوب.
٨ - إن واجب الأمير أن يكسب ثقة الشعب وصداقته ، وإلا فلا ملجأ له في وقت الشدة ، ولا سلامة له حين المحنة. كما أنه من الواجب على الأمير العاقل هو أن يبحث على الدوام عن الوسائل التي تجعل رعاياه في حاجة إلى حكمه ، فإذا كانوا دوماً في تلك الحاجة استطاع أن يعوِّل عليهم وقت الشدة.
٩ - الأمير الذي يحافظ على ملكه بالجنود المأجورة لن يبقى واثقاً من ملكه مطلقاً ، لأنهم لا يتحدون ، وهم فوق ذلك ذوو مطامع لا يخضعون لنظام ولا أمانة لهم ، يظهرون الشجاعة أمام الأصدقاء ، والجبن حيال الأعداء ، وهم لا يخشون الله ولا يحفظون عهد لإنسان ، ومن يستعين بهم فأُنذره بالفشل ، إنما بينه وبين الخسران زمن يطول ويقصر حسب الأحوال ، وهم في السلم ينهبونك ، وفي الحرب يعرضونك لنهب الأعداء ، وسبب ذلك أنه لا يوجد في نفوسهم سبب يبقيهم في الميدان أكثر من أجرة زهيدة لا تكفي لأن يعرضوا أنفسهم للموت لأجلك.
١٠ - تصوّر كثيرون إمارات وجمهوريات لا وجود لها في الحقيقة ، لأن الفرق شاسع بين حياتنا الواقعية وبين حياتنا المرئية بعين النمط الأسمى ، فمن يهمل ماهو كائن لأجل ما ينبغي أن يكون يجلب على نفسه الخراب العاجل.
١١ - لا ينبغي للملك أن يهتم باتهامه بالبخل إذا كان يريد أن لا يسرق شعبه ، ويدافع عن نفسه وقت الشدة ، وأن لا يصير فقيراً محتقَراً وأن لا يصاب بالجشع ، فإن رذيلة البخل من الرذائل التي تُسهِّل له الاحتفاظ بالسلطة.
١٢ - لم يُعرَف عن أمير جديد أنه نزع سلاح رعيته ، بل بالعكس فإنه إذا وجدها عزلاء سلَّحها ، لأنه بتسليحها تصبح الأسلحة له. وحيث أنه لا يمكن تسليح الرعية كلها فإن انتفاع الأمير بالمسلحين يضمن له السيادة على العُزَّل.
١٣ - إن الأمير يُحتَرم عندما يعرف عنه أنه إما صديق صادق وإما عدو ثابت ، لأن هذه السياسة أفضل من البقاء على الحياد ، لأنه إذا تحارب جاران ، فإما أن يعود عليك نفع من انتصار أحدهما وإما لا.