في إطار الجهود المتواصلة لاستعادة التراث الثقافي السوري، سلمت روسيا في الثامن من أكتوبر 2024 مجموعة من القطع الأثرية النادرة إلى سوريا، والتي تم اكتشافها من قبل أفراد الجيش الروسي في تدمر. هذه القطع تعود إلى العصر الآشوري وتاريخها يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي. تأتي هذه المبادرة كجزء من التعاون الوثيق بين الجانبين في مجال حماية التراث الثقافي وإعادة تأهيل المواقع الأثرية السورية التي تعرضت للنهب والتدمير.
اكتشاف القطع الأثرية من قبل الجيش الروسي
تم اكتشاف هذه القطع الأثرية القيمة من قبل أفراد الجيش الروسي أثناء قيامهم بعمليات تفتيش في المناطق التي كانت سابقًا تحت سيطرة الجماعات المسلحة في تدمر. تلك الجماعات كانت قد نهبت القطع الأثرية بهدف بيعها في السوق السوداء. ومن خلال عمليات التنقيب التي أجراها الجيش الروسي، تم استرجاع هذه القطع الأثرية، التي تعد من الكنوز التاريخية الهامة.
التسليم إلى المتحف الوطني بدمشق
تم تسليم هذه القطع الأثرية رسميًا إلى المتحف الوطني بدمشق، حيث حضر ممثلون عن أكاديمية العلوم الروسية مراسم التسليم، إلى جانب مسؤولين سوريين. ويعتبر هذا الحدث خطوة هامة نحو استعادة التراث السوري الذي تضرر بشدة خلال السنوات الأخيرة بسبب الصراع في البلاد.
وقال مسؤولون من المتحف الوطني إن هذه القطع الأثرية ستحظى بالعناية اللازمة وسيتم عرضها للجمهور بعد استكمال إجراءات التوثيق والترميم.
تدمر.. جوهرة أثرية في قلب سوريا
تدمر تعد واحدة من أقدم وأهم المدن الأثرية في العالم، حيث كانت مركزًا حضاريًا وثقافيًا خلال العصور القديمة. تضم المدينة العديد من المعالم الأثرية الشهيرة، مثل قوس النصر ومعبد بعل، التي تعرضت لأضرار جسيمة خلال السنوات الماضية على يد الجماعات الإرهابية.
وقد قامت تلك الجماعات بتدمير العديد من المعالم الأثرية وسرقة القطع الثمينة، بهدف تهريبها وبيعها في الأسواق العالمية. هذا التدمير أثار استياء المجتمع الدولي وأدى إلى تكثيف الجهود لحماية التراث الأثري في سوريا.
جهود روسيا في ترميم قوس النصر
إلى جانب تسليم القطع الأثرية، كانت روسيا قد أطلقت مشروعًا هامًا في عام 2023 لترميم قوس النصر في تدمر، والذي تعرض لأضرار كبيرة خلال الصراع. المشروع أشرف عليه متخصصون من سانت بطرسبرغ، ويهدف إلى إعادة إحياء هذا الصرح التاريخي الذي يعد رمزًا من رموز الحضارة السورية القديمة.
وقد لاقى المشروع دعمًا واسعًا من قبل المجتمع العلمي العالمي، باعتباره خطوة هامة نحو إعادة تأهيل المواقع الأثرية التي تضررت نتيجة الحرب.
الآثار السورية في مواجهة النهب والتدمير
خلال السنوات الأخيرة، تعرضت الآثار السورية لحملة ممنهجة من النهب والتدمير على يد الجماعات المسلحة. فقد تم سرقة العديد من القطع الأثرية وتهريبها إلى الخارج لبيعها في الأسواق السوداء. تلك الآثار تعد جزءًا لا يتجزأ من التراث الإنساني، ولذلك تسعى الحكومة السورية بالتعاون مع المجتمع الدولي إلى استعادتها وحمايتها من التدمير.
وتعد سوريا واحدة من أغنى دول العالم من حيث التراث الثقافي والتاريخي، حيث تضم العديد من المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين. ومن هذا المنطلق، تظل الجهود مستمرة لإعادة تأهيل هذه المواقع والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
أهمية استعادة التراث الثقافي
استعادة القطع الأثرية التي سُلمت لسوريا لا تقتصر على الجانب المادي فقط، بل تحمل في طياتها رمزية كبيرة تعكس أهمية التراث الثقافي في الحفاظ على الهوية الوطنية والشخصية الحضارية للشعوب.