كتب/ طارق تغيان: من اغرب ما شهدت مدينة الاسكندرية من حوادث خلال تاريخها الطويل

حادث مذبحة المنشية في مدينة  الإسكندرية ،والذي اتخذته قوات الإحتلال الإنجليزي بداية لتدخلها في شئون مصر، والذي استمر لسبعين عاما بعدها. وقد بدأت تلك المأساة العجيبة في يوم الأحد 11 يونيو 1882م عندما حدثت مشاجرة بين أحد الوطنيين، مكاري (يؤجر حماره للركوب) واسمه السيد العجان وبين (خواجه) مالطي من ساكني الثغر، هو من رعايا الإنجليز. حين ركب الخواجه حمار السيد العجان وقتًا طويلًا متنقلًا من مقهى إلى مقهى حتى انتهى به المطاف في نحو الساعة الثانية بعد الظهر في بار قريب من كراكون اللبّان بآخر شارع «السبع بنات»، وظهر منه أنه لا ينوي دفع أجرة ركوبه، فلما طالبه صاحب الحمار، لم يدفع له إلا قرشًا واحدًا، فاختلفا على الأجر، واستل المالطي سكينًا وطعن به المكاري عدة طعنات فأرداه قتيلًا …

وهم رفاق القتيل ليمسكوا بالقاتل، ولكنه هرب إلى بيت قريب، وسرعان ما رأى الوطنيون الذين تجمعوا عقب الحادث، طلقات الرصاص تتهاوى عليهم من بعض النوافذ والأبواب القريبة، فسقط بعضهم بين قتيل وجريح، واجتمع المصريون للانتقام، فأخذوا ما وجدوه من العصي والحجارة والكراسي وانهالوا على كل من كان يصادفهم من الأجانب ضربًا لا يخشون أي عاقبة. واستمرَّت تلك المعركة سجالا في عديد من الشوارع حتى الساعة الخامسة مساءً، وكان الوطنيون يستنفرون إخوانهم للقتال صائحين: «جاي يا مسلمين! جاي! (إلحقونا) بيقتلوا إخواننا.»!! وعلى هامش المعركة، نهبت بعض الدكاكين، وامتدَّت الفتنة لتشمل عديد من شوارع منطقة بحري والجمرك والمنشيه وحتى المحمودية جنوبا، وسقط في هذه الشوارع جرحى وقتلى من الأجانب والوطنيين.
وقد ذكر جون نينيه، احد الذين شهدوا الحادث، أن عدد القتلى بلغ 238، منهم 75 من المصريين ماتوا قتلا بالرصاص و163 من الأجانب ماتوا اعتداءا بالعصى والشوم. 

ووصلت الأنباء للقاهرة حين خرج الموضوع عن سيطرة رجال الأمن في الاسكندرية، ووصلت الاعتداءات لقناصل الدول أنفسهم، انجلترا واليونان وايطاليا! وقد حاول كل حزب أن يتهم الآخر بتدبيرها؛ فالإنجليز والخديو يتهمون الوطنيين والغوغاء، بينما يؤكد بعض المؤرخين أن الإنجليز قد قاموا بتدبيرها من البداية بمعاونة عمر باشا لطفي محافظ الثغر، ويقف من ورائه توفيق الذي أراد الخلاص من العرابيين والتعجيل بتدخل قوات الاحتلال القابعة في مياة البحر قبالة سواحل الإسكندرية. وظل الحال كذلك حتى قُدِّم عرابي للمحاكمة بعد هزيمته في التل الكبير، فما استطاع خصومه أن يثبتوها عليه وهم أصحاب الجاه والنفوذ.



إغلاق


تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

هل سيتخلى ترامب عن مخططه في تهجير مواطني غزة؟