ينشط العشرات من المتطوعين الكويتيين في مساعدة القطط والكلاب الضعيفة الضالة في الشوارع، من خلال إنقاذها وتأمين مأوى مناسب لها بعيدا عن العابثين وقسوة من تحجّرت قلوبهم، تمهيدا للتواصل مع منظمات تهتم بحقوق الحيوانات ورعايتها بالولايات المتحدة وكندا، لتبنيها وتقديم الرعاية لها بشكل أفضل.
وانتشرت مؤخرا في الكويت مشاهد لحالات كثيرة لقطط وكلاب ضالة تعرّضت للإهمال والضرب، أو التعذيب أحيانا، فضلاً عن التسميم من مجهولين.
نورة الحداد، إحدى المتطوعات في مجال حقوق الحيوان، قادتها إنسانيتها إلى تقديم المساعدة للحيوانات الشاردة التي لا تجد من يرعاها ويؤمن لها المأوى والرعاية الطبية اللازمة.
ولادة الفكرة
عانت الحداد طويلا عندما كانت تخرج مع كلابها في منطقة سكنها أو الحدائق العامة أو حتى شاطئ البحر، إذ كانت تتعرض للمضايقات التي تصل أحيانا إلى حد رشق كلابها بالحجارة. طلبت من أحد زملائها -من أعضاء منظمة "أليانز" العالمية لجمال الكلاب- البحث عن مكان مناسب لرعاية الحيوانات وتركها تركض وتلعب بحرية، فوجدا مكانا آمنا في إحدى مناطق الكويت.
حدث ذلك عام 2014، وكانت تلك البداية. بعدها، شاهدا كلبا مصابا فأخذاه إلى الملجأ لرعايته، ثم بدأت الاتصالات تتوالى للتعامل مع الحيوانات المصابة، من كلاب وقطط. ووُلدت لدى الحداد فكرة تأسيس مبنى أكبر لذلك، فبدأت العملية من الصفر، وتم تجهيز المكان بطريقة مناسبة.
عملية ترحيل الكلاب لخارج البلاد من أجل تبنيها تحتاج إجراءات ضرورية تبدأ بتجهيز الأوراق الرسمية المطلوبة (الجزيرة)
وتعتقد الحداد أن الله سخَّرها وزرع في قلبها محبة ورحمة لخدمة هذه الحيوانات والتعامل معها بإنسانية، على الرغم من أن الأمر أتعبها ودفعها إلى بذل الكثير من الجهد، خصوصاً مع توسّعها في هذا المجال.
وتقول إن دخول زميلتها و"رفيقة كفاحها" ميار العازمي معها في هذا الميدان، عام 2018، ساعدها كثيرا، فتم تأمين مكان أكبر وأفضل من المكان السابق، مع أشخاص يتعاملون باحترافية مع هذه الحيوانات.
وتلفت إلى أن الأمر كان صعباً جدا، بسبب ضرورة توفير الأكل والأدوية وعلاج الحيوانات في العيادات بمبالغ مرتفعة "لكننا كنا لا نستطيع تحمّل رؤية هذه الحيوانات تتألم، فكنا نأخذ الحالات الأكثر صعوبة لمعالجتها ورعايتها، عن طريق البلاغات التي كانت تأتينا من أصحابها، أو من خلال بعض الحالات التي كنا نراها في الشوارع".
الحداد: رغم حصولنا على مساعدة الأطباء كنا ندفع بين 200 و600 دينار (بين 635 و1840 دولارا) لعلاج حالة واحدة (الجزيرة)
بروتوكول خاص
وضعت الحداد وزميلتها "بروتوكولا" خاصا يتضمن بضع خطوات لاستقبال الحالات الواردة، قبل انضمامها إلى الملجأ. تقول الحداد "لا يمكن أن نأخذ حيوانا ونُؤويه لدينا في الملجأ مباشرة، لأنه من الممكن أن يكون مصابا بأمراض. لذلك لابد من إخضاعه، أولا: لفحص طبي (فيروسي) ثم تطعيمه وعزله في عيادات ومستشفيات خاصة للحيوانات".
وتشير إلى أن ذلك ألقى عليها وعلى زميلتها أعباء مادية كبيرة "على الرغم من حصولنا على مساعدة من الأطباء في هذه المراكز الطبية، كنا ندفع في الزيارة العادية، بين 200 و600 دينار (635 و1840 دولارا) للحالة الواحدة. وإذا كان الأمر يحتاج إلى عملية، يرتفع المبلغ إلى آلاف الدنانير، لأن تكاليف العلاج مرتفعة".
وتلفت الحداد إلى أنها وزميلتها كانتا تتحملان التكلفة كاملة، لدرجة أنهما حصلا على قروض مصرفية من أجل تغطية النفقات، وأشارت إلى أن إحدى الحالات كلف علاجها نحو 4 آلاف دينار (13 ألف دولار).
وتضيف "لذلك نفضل الحفاظ على استقرار حالة الحيوان الضعيف، ثم نرسله إلى الولايات المتحدة أو كندا للتبني، وللإشراف عليه ورعايته طبيا بشكل لائق".
توضح الحداد أنها وزميلتها كانتا تواصلان، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع منظمات متخصصة في رعاية الحيوانات في الولايات المتحدة وكندا حيث تنتشر ثقافة الرفق بالحيوان، فأرسلتا عددا كبيرا (يُقدَّر بالمئات) من الكلاب والقطط للتبني، وكان بعض الحالات صعباً للغاية.