لطالما كانت كندا وجهة مثالية للهجرة، تقدم وعودًا بحياة أفضل وفرص عمل واستقرار اجتماعي، لكن هذه الصورة باتت تتآكل تدريجيًا في ظل أزمات اقتصادية وسكنية ومعيشية خانقة، دفعت عشرات الآلاف إلى مغادرتها بشكل دائم.
ووفق بيانات هيئة الإحصاء الكندية، غادر 106,134 شخصًا البلاد خلال عام 2024، في أعلى معدل للهجرة الخارجية منذ بدء التوثيق في عام 1967. هذه الظاهرة، التي باتت تُعرف بـ"الهجرة العكسية"، تكشف تراجع قدرة كندا على الاحتفاظ بالمهاجرين والوافدين الجدد، الذين يصطدمون بواقع مغاير تمامًا لما وعدوا به.
ويقول محللون إن ارتفاع تكاليف المعيشة، أزمة الإسكان، سوق العمل المشبع، وضغوط الصحة النفسية لعبت دورًا كبيرًا في قرارات المغادرة. فالكثير من القادمين الجدد يواجهون صعوبات في إيجاد عمل مناسب رغم مؤهلاتهم، بينما يعانون من الإيجارات المرتفعة ونقص الخدمات.
من جهته، أقر وزير الهجرة الكندي بأن الحكومة "تُعيد تقييم" سياساتها، في ظل التحديات، مع التشديد على أن "جذب المهاجرين لا يكفي، بل يجب ضمان قدرتهم على الاستقرار والازدهار".
وباتت كندا اليوم تواجه تحديًا وجوديًا في الحفاظ على صورتها كمجتمع جاذب، خصوصًا مع تزايد الأصوات التي تطالب بضبط سياسات الهجرة بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي والخدماتي الحالي.