أعلنت عمدة مونتريال، فاليري بلانت، قرارها بعدم الترشح لولاية ثالثة والاستقالة من منصبها، لتضع بذلك نهاية لمسيرة سياسية استمرت سبع سنوات كانت حافلة بالإنجازات والمواجهات. جاء هذا القرار بعد تعرضها لتهديدات بالعنف وطوفان من الكراهية عبر الإنترنت، ما أثار جدلاً واسعًا حول بيئة العمل السياسية، وخاصة للنساء.
بيئة عمل غير ملائمة للنساء في السياسة: ما زالت التحديات مستمرة
جاء هذا الإعلان الصادم ليطرح تساؤلات عدة حول بيئة العمل السياسية وما تواجهه النساء من تحديات. وقالت وزيرة الأسرة في كيبيك، سوزان روي، في تعليق على القرار: "هناك العديد من الأشياء التي يجب تحسينها لتحسين بيئة العمل للنساء". وتوضح روي بأن الواقع الذي تواجهه النساء في السياسة يتطلب توفير بيئة عمل داعمة تُحترم فيها كرامتهن وتقلل من مظاهر التمييز والتحيز.
إنجازات استثنائية في مسيرة قصيرة
بدأت بلانت مشوارها السياسي برؤية طموحة لتغيير الواقع، واستطاعت بالفعل تحقيق إنجازات لافتة. في عام 2017، أصبحت بلانت أول امرأة تتقلد منصب عمدة مونتريال، وهو إنجاز استثنائي يُحتسب لها ولكل النساء في مجال السياسة. ورغم قلة شهرتها حينذاك، تمكنت من التفوق على السياسي المخضرم دنيس كودير، محطمةً بذلك ما كان يُعرف بلقب "ملك مونتريال". تميزت بلانت بشخصية ودودة وحيوية، ما جعلها تحظى بدعم واسع من قِبل المواطنين خلال فترة حكمها الأولى.
التهديدات والتنمر الإلكتروني: الوجه المظلم للسياسة
لكن خلال السنوات الأخيرة، واجهت بلانت العديد من التحديات التي أثرت على تجربتها في العمل العام، منها تلقيها تهديدات مباشرة وطوفان من الكراهية عبر الإنترنت. وبسبب تلك المضايقات، قامت الشهر الماضي بتقييد التعليقات على منشوراتها في منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك X وInstagram، للحد من الردود التمييزية والتهديدات.
وفي حين لم توضح بلانت إن كانت هذه التهديدات قد أثرت مباشرةً على قرارها بعدم الترشح، أكد مكتبها أن هذه الخطوة تهدف إلى الحد من التعليقات المسيئة وغير المحترمة. وتسلط هذه الحادثة الضوء على تنامي ظاهرة العنف والتطاول على النساء في السياسة، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
نساء سياسيات أخريات يواجهن التحديات ذاتها
قرار بلانت بعدم الترشح ليس الأول من نوعه، فقد سبقتها في ذلك عمدة غاتينو، فرانس بيلزيل، التي استقالت أيضًا بسبب المضايقات الشديدة التي تعرضت لها. كما أعلنت عمدة بلدية كيب بريتون الإقليمية، أماندا ماكدوغال ميريل، عن نيتها عدم الترشح للانتخابات القادمة، مشيرةً إلى تأثير السلبيات التي واجهتها على حياتها الأسرية بالكامل.
ردود الفعل تجاه قرار بلانت
أثار إعلان بلانت عدم الترشح ردود فعل متباينة بين سكان مونتريال. فبينما أشاد البعض بعملها وبإنجازاتها التي حققتها في فترة قيادتها للمدينة، رأى آخرون أن الوقت قد حان للتنحي وإفساح المجال لضخ طاقة جديدة في الإدارة. تعكس ردود الفعل هذه حالة الانقسام في تقييم مسيرتها، حيث يحترم الكثيرون قدرتها على تحمل التحديات غير العادية، بينما يتطلع البعض إلى تغيير سياسي جديد.
الخطوات القادمة: نحو بيئة سياسية أكثر دعمًا للنساء
يأتي قرار بلانت بعدم الترشح ليشكل فرصة لإعادة التفكير في طبيعة بيئة العمل السياسي وضرورة توفير دعم أكبر للنساء اللاتي يخترن دخول هذا المجال. فالتحديات التي تواجهها النساء في السياسة ليست مجرد تجارب شخصية، بل هي قضية تهم المجتمع بأسره، ويجب أن تتضمن الحلول تحسين البيئة التشريعية وتنظيم حملات التوعية لمكافحة التنمر الإلكتروني ضد النساء، سواء كن سياسيات أو مواطنات.