زلزال المشاعر … بقلم : سعد الله بركات

الخميس 16/02/2023
إنه الزلزال …زلزل الأرض وماعليها  ،هدم بيوتا  على من فيها ،   من لم يستطع النجاة قضى نحبه ، فخطف الموت  أسرا بكاملها ،وتشرّد أطفال وعجائز في عتمة ليل قارس ، أصابت الزلزلة  منشآت وصدّعت مدارس ، …لكنّها طالت المشاعر ، فحرّكتها ، بهزّة وجدانيّة ، لابل بهزّات ارتداديّة ، وإن متفاوتة الأثر ،  تتالت دوائرها إلى غير ساحة ومجتمع ،  حتى عبر بعضها المحيط ، بردات فعل بعضها جاء قليلا أو خجولا ..


لم يكن السوريون ينقصهم ، مايكدّر حياتهم وينغصّها ،حين داهمهم فجرا ماقذف بهم ،وعلى حين غرّة خارج أسرّتهم ، وبيوتهم مذعورين إلى الشوارع في غير محافظة  ومنطقة على طرفي حدود سوريّة  وتركية . فهام الآلاف على وجوههم ، وسط صراخ  أو عويل و أنين ..بفعل نائبة كارثيّة بكل مافي الكلمة من معنى …
ألم تكن تكفي السوريين ،تداعيات حرب إرهابيّة ،وما طالته من بشر وحجر ؟! على مدى 12 عاما ،وحصار طال لقمة العيش وأساسيات الحياة  من دواء وغذاء ووقود !
لكنها المحنة تكشف معدن الرجال ، وفي الشدائد تمتحن معادن المحبين ، كما يقال ، لقد دمّر الزلزال البيوت ، لكنّه فجّر ينابيع من محبّة ،وتكافل ،بل من حماس تضامني ، تبدّت روعته  ،وعلى نحو عاجل ، من آلاف المتطوعين ،  غير المبادرين والمتبرّعين ،  أفرادا ومنظمات  ،من غير محافظة أو منطقة  ، ومن غير معتقد ودين ،  وتجلت روعة ذلك في المغتربات أيضا ، روعة فاح عبقها من يراع الشاعرة كوثر دحدل :
((علّموا الكون كيف يسنّ قانون البشرية؟! 
كيف يكون الإنسان لأخيه الإنسان؟!  
يا أوائل الأبجدية…
كنتم بخور المعابد ….
وياسمينكم سيبقى عطر العالم )) .
 الهزة الوجدانية  اتسعت إلى الساحة العربيّة فالدولية ، وإن جاء بعضها بعد حين …وليس  صوت النجمة العالمية ،،أنجلينا جولي ،، التضامني ، ومبادرتها العملية تبرّعا ، سوى  مثال لما سبقه أو تلاه، هذا ديفيد هيرست  وفي مقاله بـ ميدل إيست أي " يقول ((إن الزلزال وفّر للغرب فرصة ليظهر أنه قادر على إعادة البناء مثل قدرته على التدمير….)) لكنه مشغول بالحرب في أوكرانيا . 
الضحايا  والمصابون والمتضررون  بالآلاف  ، وليت العداد يتوقّف  ،المشافي ومراكز الإيواء  تغصّ بهم ، ولايخفى  أن التعامل مع تداعيات هكذا كارثة ، خارج طاقة أي دولة بمفردها ، مهما ملكت من قدرات ، ولوكانت معافاة ، فكيف لسورية وقد أتت الحرب على كثير من قدراتها وإمكاناتها ، ولاسيما الآليات والمعدات الطبية ..ووسائل الإنقاذ . 
 لافتة هي هبّة الإغاثة والتعاضد   وطنيا وإنسانيا ، كما مشاعر التعاطف والمبادرات  من أفراد وجمعيات ودول، وإن كانت التزاما  بقيم سامية  ،  حيث لا مجال لشماتة ، ولا وقت  ل (حساب  أو عقاب )…شرائع السماء ،  كلّها توجب مساعدة المنكوبين ، فماذا عن شرائع الأرض ؟! …



إغلاق
تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

برأيك ما أسباب انتشار المخدرات في الولايات المتحدة ؟