أنت عربي .. إذا أنت بطل... دارين السماوي / تونس

الاربعاء 26/10/2022
أن تكون مواطنا عربيا هذا في حدّ ذاته بطولة، لا يهمّ المكان الذي تعيش فيه سواء كنت في دولة عربية أو أجنبية فأنت بطل و تستحق التكريم.



إن كنت يا صديقي تعيش مهاجرا في بلاد الغرب فمن المؤكد أنك بطل أولمبيّ محطم للأرقام القياسية و قبل أن تسألني بطل في ماذا سوف أجيبك: بطل في القفز على الحواجز يا صديقي.

بدأ من حاجز اللغة و حاجز الإقامة و حاجز التأقلم في مجتمع لا تنتمي إليه و حاجز البحث عن فرصة عمل وصولا إلى الحاجز الأكبر و هو حاجز نظرة المجتمع الغربي للمواطن العربي على أنه كائن متخلف و متطرف مجهول النوايا و الطباع و لا أحد يا صديقي سوف يقرّ لك حقّا بأحقيتك في هذه البطولة سوى شخص جرّب الغربة و الهجرة و ما تعنيه تلك اللحظة الأولى لمواطن عربيّ في بلاد الغرب عندما يفتح عيناه على منظر لم يتعوّد رؤيته من قبل و على أحاسيس يمتزج فيها الحلم و التفاؤل بالخوف من المجهول، كلّ الكلمات لن توفيك حقك و لن تكرم ذلك المجهود الجبار الذي تبذله في مجتمع و بلاد لا تنتمي إليها كي تثبت ذاتك و تصنع لنفسك مكانا محترما في ذلك العالم و لكنّي سوف أهمس في أذنك بجملة واحدة : استمر أيها البطل و لا تعبأ بما يقال عنك و عن هويتك، لا تنتقص من نفسك و استمر في نحت اسمك في المكان الذي تستحقه برغم كل الصعوبات.

أما إن كنت مواطنا عربيا لم تتعدّى قدماك حدود وطنك و لم تجرّب الغربة و لا الهجرة فأنت لست بطل.

انتظر و قبل أن تتهمني بأنّي متحيّزة للمغتربين دعني يا صديقي أتمم كلامي، أنا أعني ما أقول أنت لست بطل.. أنت بطل الأبطال، أنت ملهم الشعوب، أنت مثال الصبر و الجلد و إن كان أخاك المغترب بطل في القفز على الحواجز فأنت بطل عالميّ في المصارعة الحرّة و أودّ أن أشكرك على كلّ تلك التدريبات اليوميّة التي تقوم بها في مصارعة ظروفك القاسية المحيطة بك و المحبطة لك و التي تبدأ من صعوبة البحث عن شرابك الضائع وسط كومة الملابس مرورا بالبحث عن حلّ لفكّ عقدة حركة المرور المكتظة حتى تصل لعملك في الموعد دون أن تسمع ما لا يرضيك من مسؤولك في العمل و الذي لم تسمع منه يوما كلمة تشجيع واحدة برغم كلّ مجهوداتك مرورا أيضا بمحاولاتك الجادّة لتفادي الحفر و المطبات التي تزيّن كلّ شوارعنا العربية دون أن تصاب بارتجاج في المخ، دون أن نتسى ميدالياتك الذهبية في رفع أثقال الديون و الفواتير و القروض البنكية و مصاريف المدارس و غلاء الأسعار و السؤال الذي حيّر علماء الاقتصاد و الرياضيات كيف تتمكن يا صديقي المواطن العربي من دفع كلّ هذه المصاريف براتب أقلّ ما يقال عنه أنه متواضع جدّا؟ و لا ننسى طبعا نجاحك الباهر في القدرة على العيش في مناخ غير ملائم بالمرّة للعيش الكريم خاصة في ظل تواجد مسؤولين هم أيضا أبطال في السرقة و النهب و تعبئة جيوبهم و بطونهم و تجويع مواطنيهم، و هل بعد كلّ هذا يا صديقي لا تستحقّ أن يقال عنك بطل؟

أنت بطل العالم لأن لا مواطن آخر في هذا العالم يستطيع أن يتحمل ما تتحمله انت أيها المواطن العربي الفذ. انت بطل لأنك برغم كل هذه الظروف و العقبات التي أصبح لا يطيب العيش إلاّ بها مازلت تتنفس التفاؤل و التوكل على الله و مازلت تأخذ بالأسباب و تنحت في الصخر كي تجد لك مكانا في هذه الحياة

إذا منذ اليوم غير نظرتك المتدنية لنفسك و َلا تستهن بقدراتك الخارقة و قوتك العجيبة ولا تنسى يا صديقي أن تمشي مرفوع الرأس و أن تردّد في كلّ مكان وزمان وبكلّ فخر " أنك عربيّ و أنك بطل"



إغلاق
تعليقات الزوار إن التعليقات الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي وفكر إدارة الموقع، بل يتحمل كاتب التعليق مسؤوليتها كاملاً
أضف تعليقك
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
عنوان التعليق  *
نص التعليق  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
رد على تعليق
الاسم  *
البريد الالكتروني
حقل البريد الالكتروني اختياري، وسيتم عرضه تحت التعليق إذا أضفته
نص الرد  *
يرجى كتابة النص الموجود في الصورة، مع مراعاة الأحرف الكبيرة والصغيرة رموز التحقق
 
اسـتفتــاء الأرشيف

برأيك ما أسباب انتشار المخدرات في الولايات المتحدة ؟